عندما قرّرت قيادة مؤسسة الجمهورية للصحافة إنشاء صفحتي «ليلة القدر» طوال أيام شهر رمضان؛ كان الهدف الأساس منها هو أن تكون نافذة في الصحيفة لتسليط الضوء على الحالات الإنسانية التي تعيش في ظروفاً معيشية عسيرة وآخرين يكابدون الفقر والألم معاً ولا يجدون معهما ما يخفّف عنهم آلامهم أو يسدّ رمقهم.
صفحتا «ليلة القدر» هما مبادرة تعدُّ الأولى من نوعها في الصحافة اليمنية، وتُحسب لقيادة المؤسسة التي أقرّت إنشاءها قبل عدة سنوات في إطار الدور الإنساني الذي يجب أن تلعبه الصحيفة نحو أفراد المجتمع؛ خاصة أولئك الذين يعيشون معاناة حقيقية جرّاء فقرهم وعوزهم، وتقطُّع سبل الحياة بهم في محاولة للفت أنظار الميسورين ورجال البر والخير نحو هؤلاء الفئة من الناس وحثّهم على مد يد المساعدة لهم خاصة في هذا الشهر الفضيل، شهر الخير والرحمة من أجل إيجاد نوع من التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع.
طوال السنوات السابقة وحتى اليوم ومع انتظام صدور صفحتي «ليلة القدر» خلال أيام شهر رمضان المبارك في كل عام؛ كان هناك صدى وتجاوب لما يُنشر في الصفحتين من قبل رجال الخير الذين قدّموا مساعدات عينية ونقدية كان لها دور في تجاوز بعض الحالات لمحنتها أو الإسهام في التخفيف منها، وقد تجاوب معنا الكثيرون ممن خاطبناهم في «ليلة القدر» سواءً أفراداً أم جمعيات خيرية.
عندما يذهب أحد الزملاء إلى أحد المرافق الصحية؛ ينظر إليه المريض وكأنه جاء حاملاً معه الفرج والحل لكل ما يعانيه، ينظر إليه وكأنه «طاقة القدر» فتحت له؛ فتراه سعيداً مستبشراً؛ لأن هؤلاء البسطاء من الناس كمن يتعلّق بقشّة تنقذه من الغرق، أغلبهم لا يعرفون أننا في «ليلة القدر» لسنا إلا واسطة بينه وبين أهل الخير، نعرض حالته ومعاناته لعل وعسى يسخّر الله له أحد الخيّرين لمساعدته والأخذ بيده وإعانته لتجاوز معاناته وظروفه المعيشية الصعبة.
إذا كانت أغلب الجمعيات الخيرية تعمل وفق رؤى وأهداف حزبية خالصة، أو وفق آلية «الأقربون أولى بالمعروف» إلا أن جمعية هائل سعيد أنعم الخيرية تشذُّ عن بقية الجمعيات، حيث مساعداتها تطال كل من يأتي إليها وبشكل يومي على مدار العام، وليست كبقية الجمعيات التي تنشط موسمياً وخصوصاً في شهر رمضان؛ وهذه للأمانة شهادة حق في هذه الجمعية الخيرية.
الزميل طارق الشرجبي حدّثني قبل أيام أنه وأثناء تواجده في جمعية هائل الخيرية كجهد منه لمتابعة بعض الحالات التي تم نشرها في «ليلة القدر» تفاجأ أن الجمعية أخذت على عاتقها متابعة كل من يُنشر من حالات في صفحتي «ليلة القدر» عبر فريق عمل خاص كلّفه الأب الفاضل عبدالجبار هائل سعيد لمتابعة كل حالة، والاتصال بهم فرداً، فرداً عبر أرقام هواتفهم المنشورة في الصحيفة، وتخصيص المساعدات المناسبة لكل حالة، هذا الفريق يعمل كخليّة نحل طوال اليوم للتواصل مع الحالات؛ وهو شيء يثلج الصدر بالنسبة لنا عندما نرى لعملنا نتيجة؛ وقد أعطى ثماره بحصول كثير من الحالات على مساعدات وإعانات من أهل الخير والإحسان.
هذا العمل الخيري حتى وإن كانت قيمته بسيطة ومتواضعة؛ إلا أنه يمثّل لب العمل الخيري الحقيقي الذي تنتهجه جمعية هائل سعيد أنعم الخيرية التي تؤكد أن العمل الخيري يجب أن يكون خالصاً لوجه الله ويصل إلى مستحقّيه بعيداً عن أي اعتبارات أو حسابات غير فعل الخير والاعتبارات الإنسانية، وليس كما هو حاصل في الجمعيات الأخرى التي لا تعمل إلا لمصالح حزبية وسياسية أو شخصية للقائمين عليها..!!.
k.aboahmed@gmail.com