انتقل إلى رحمة الله ابن المكلا البار الفنان الشعبي الاستثناء كرامة مرسال، وهو الذي ترك لنا إرثاً فنياً إحيائياً يتصل بحضرموت الساحل.. مدن البحار الصافية، والتواشجات الإنسانية الأفقية المرصودة في تضاعيف البهاء الخلاسي الرفيع.
وقد تميّز المرحوم كرامة منذ بداياته الأولى في ستينيات القرن العشرين المنصرم.. تميز بصوته الجهوري الموشى ببحة غنائية صادرة عن فيزياء أوتار صوتية خاصة جداً، والمنغم بنبرة حضرمية ساحلية لا تخطئها الأذن، وتميز أيضاً بدالة موسيقية ساحلية تعيدنا إلى مرابع الغناء الطربي السواحلي الذي خرج من سواحل الشحر والمكلا والديس والحامي، ليصل إلى كامل الأصقاع الساحلية المتشاطئة مع حضرموت.. هنالك حيث نجد العذوبة اللحنية الصادرة عن السلم الخماسي المجاور لما يمكن تسميته مجازاً بالسداسي الساحلي.
أعتقد جازماً أن الراحل كرامة أسهم بقسط وافر في ترسيخ هذا النمط الغنائي الموشى بلحوم العذوبة والمزاج والإيقاعات التلقائية، وكان صوته المميز رافعة أساسية لهذا المد الجميل، وكانت استعاداته للتراث الفني الحضرمي بشقيه الساحلي والداخلي الحكمي من شواهد عطائه الخصب.
سنلتقط يوماً ما تلك التمائم الفنية الموسيقية السحرية التي أجلاها المرحوم كرامة، وتماهى معها بتلقائية التداعي الفطري الحر، الموسوم بالصدق الفني الصافي، والبعيد عن الصنعة الفنية وإكراهاتها الثقيلة على المتلقي الحر.
Omaraziz105@gmail.com