ما حدث للجيش اليمني في صنعاء يشابه تماماً ما حدث للجيش الصومالي من انهيار حُر، قبيل سقوط نظام الرئيس الراحل محمد سياد بري، ولقد تمثل السيناريو الدراماتيكي يومها في اندفاع حفنة من الثائرين البسطاء الحاملين لبندقيات الكلاشنكوف صوب القصر الجمهوري بالعاصمة مقديشيو، وهال سياد ومستشاريه تخلِّي الجيش الصومالي عن أي عمل عسكري ضد المهاجمين، وهكذا سقطت العاصمة في رابعة من نهار.
عانى الجيش الصومالي الأمرين من حرب “الأوغادين” العبثية، والهجمات غير المبررة على شمال الصومال، والفساد المقرون بالمراتبية القبائلية الداخلية في الجيش، والجنرالات المأفونين بالنهب والسلب، وكانت كل هذه المقدمات رافعة كبرى لانهيار دفاعات النظام وكراتينه الورقية.
هذا ما حدث بالضبط في عمران قبل صنعاء، وما تكرر بوضوح صاعق في العاصمة اليمنية صنعاء.
من المحزن حقاً أننا لا نقرأ التاريخ القريب، ولا ننظر بعدسات منفرجة لما جرى على مدى عقود المتاهات السياسية التي شكلت المقدمة الراسخة للانهيار، وكانت حروب صعدة الست مثالاً فاقعاً عن خيبة المسعى والمآلات، فقد جرت تلك الحروب بعنوان صارخ يتحدث عن تمرد الحوثيين على الدولة، فيما كانت الأهداف الميكيافيللية الخفية للحرب قابعة في فكرة التخلص من رفاق الدرب غير القابلين بالترتيبيات السياسية الجديدة الخارجة من دولاب الرئيس السابق ومستشاريه الميامين.
رحم الله العلامة الكبير ابن خلدون، فهو أول من كاشف محنة الزعامات التي تقود الأوطان، وعينها على المال، بل كان سبَّاقاً في اعتبار القيادة الرشيدة مستحيلة عند القائد التاجر، وبلغة عصرنا القائد المنخرط في تجارة المال والأملاك، وشراء الذمم والضمائر، والاتكاء على أسوأ العقول والقلوب.
Omaraziz105@gmail.com