برز في الأيام القليلة الماضية اتجاه لدى قواعد وقيادات حزب التجمع اليمني للإصلاح يفضل عدم مشاركة الحزب في الحكومة الجديدة, ومن بين هؤلاء القيادي زيد الشامي في تصريح نشرته صحيفة الشارع في عددها يوم السبت 27 سبتمبر 2014م, ولأن هذا القرار حق للحزب وهيئاته التنظيمية فإننا لا نتدخل في خيارات الحزب, وإنما نتدارس معه هذه الخيارات من زاوية كونها مؤثّرة بقوة على الوضعين الوطني والسياسي, ومصالح الجموع الشعبية وعلى التحدّيات الخطيرة والجسيمة في هذه المرحلة العصيبة.
أولاً, يحسن بنا التأكيد على أن حزب الإصلاح قوة سياسية وازنة وثقل جماهيري فاعل, واتجاه سياسي وثقافي مؤثّر في صياغة المشهد العام وحركته نحو المستقبل, والإصلاح بهذه الخصائص والمميزات فرس الرهان الوطني والشعبي في تحديد المسار السياسي وصياغة صورته المستقبلية.
وثانياً: كان حزب الإصلاح, بصورة مباشرة وغير مباشرة, طرفاً فاعلاً في أحداث الماضي وأزمات الحاضر, ويتحمّل قدراً كبيراً من المسئولية بحكم حضوره القوي في المشهد الراهن, وبحكم دوره كحزب سياسي لا يغيب عن حركة الواقع وخاصة في مرحلة عاصفة بالأخطار والتحدّيات.
ثم ثالثاً, إن الأحداث بما تحمله من نذر بالأخطار والكوارث تستدعي حزب الإصلاح إلى الواجهة وإلى صدارة الفعل, ليقدّم ما تتطلبه اللحظة من درء للفتنة الطائفية, وتجسيد للوحدة الوطنية, وحرص على الطابع السياسي والمدني في إدارة الصراع ومعارك بناء الدولة.
وأخيراً, قد يستفيد الحزب من عدم مشاركته في الحكومة الجديدة, وقد تقتضي مصلحته ذلك بدواعٍ كثيرة, ولكن ذلك لا يخلو من شبهة سعي الحزب للتربّص بالحكومة والكيد لها, انتقاماً لما حدث له في حكومة الوفاق, وفي رأيي إن الإصلاح لا يفكر بهذه الطريقة, ويدرك أن الوطن لا يتحمل المكايدات والمرحلة لا تقبل من القوى السياسية الانكفاء ناهيك عن العبث والصراع.. وحين ندرك أهمية الموقف الذي اتخذه حزب الإصلاح من كل الأحداث التي سبقت الأحداث الأخيرة في العاصمة وهو الموقف الذي جنّب اليمن كوارث مواجهة لا أفق لها ولا نهاية, أقول حين ندرك هذا, نثق أن الإصلاح يدرك متطلبات المرحلة, ويعي أهمية حضوره في المشهد ودوره في المرحلة التي تعتمد بشكل كبير ورئيس على حزب الإصلاح في تحقيق السلم وإنجاز الشراكة والوصول باليمن إلى رشد سياسي في دولة كاملة وديمقراطية ناشئة, وسلم قائم ودائم.
لقد عارضنا حزب الإصلاح وانتقدنا ما كنا نعتبره سلبية من الحزب وتقصيراً يضر بالمصلحة العامة, منطلقين في ذلك من إدراكنا لأهمية الحزب ومكانته في الخارطتين: السياسية والحزبية, ودوره في صناعة الأحداث وقدرته على تحديد مسارات كل حدث ومآلاته, وسنكون معه على ذات الطريق وبذات المبدئية التي تنتقد الخلل, وتدعم الجهود الحريصة على السلم ومصالح الجموع الشعبية.
albadeel.c@gmail.com