كتب الأخ ماجد المذحجي على صفحته بالفيس بوك يوم 26 سبتمبر إن “إنقاذ اليمنيين من هاوية المناطقية والطائفية مسئوليتنا المشتركة”, إدراكاً منه لكوارث ما سيؤول إليه “التصاعد السريع لتعبيراتها التي تدفع الجميع إلى نقطة حرجة” وإذ طالب المذحجي الحوثيين بتحمل مسئولياتهم, فإنه طالب الآخرين بمواجهة الحوثيين بأدوات “تنتمي لما هو وطني ومدني فقط”.. قد لا أتفق مع صديقي العزيز والمناضل المدني القدير ماجد, فيما يفهم ضمناً من عباراته السابقة من تصنيف يضع الحوثيين في مواجهة ما هو وطني ومدني, باعتبارهم كما قال في ذلك المنشور “سلطة مستجدة واستبداد صاعد” ولكني أتفق معه في إنقاذ اليمن من هاوية التصاعد السريع لتعبيرات المناطقية والطائفية فهذه مسئوليتنا المشتركة والتي علينا أداؤها بما يحقق مقاصدها بنجاح.
أساس هذا النجاح قائم على الاعتراف بالتنوع الثقافي للهوية الوطنية, سواءً كان هذا التنوع دينياً أو ثقافياً أو جغرافياً تجسده العادات والتقاليد وبحيث يترتب على هذا الاعتراف قبول بوجود التنوع واعتراف بحقه في التعبير السلمي عن خصوصيته وتكوينه في إطار الوطنية الجامعة, فمثلاً, لا ينبغي أن ننكر على الحوثيين حقهم في الوجود المذهبي وتعبيراته المؤتلفة وطنياً في الهوية اليمنية, كما أن على الحوثيين عدم نكران ما لغيرهم من وجود مختلف.
ويتعزز هذا الاعتراف بالتنوع بحرصنا على الفصل بين هذا التنوع والصراعات السياسية, التي تحتكم إلى مبدأ القبول بالتعددية السياسية وما تقتضيه من تنظيم صراعاتها في أطر ضامنة لسلمية الصراع, وهنا يكون ما هو مدني إطاراً جامعاً للاختلاف وناظماً لصراعاته السلمية في دولة وسلطة ونظام ومؤسسات وبواقعية أقول إن طبيعة الوضع العام وخصوصيات المرحلة, تفرض علينا القبول بالشراكة الوطنية والعمل على تجسيد هذه الشراكة في نظم ومؤسسات قائمة على القانون ومحكومة به, بعيداً عن الاستئثار والمحاصصة, وتحت الرقابة والمساءلة والمحاسبة.
بقي أن نتوقف بذات المسئولية الوطنية عند الطابع المسلح لجماعة أنصار الله لنناقشه بكل واقعية مسئولة عن تفسيره وعن مقاربته بحلول شاملة وقابلة للتنفيذ, لأن الارتباط بين الحوثيين والسلاح فرضه تاريخ سياسي وواقع جغرافي جعلهم جزءاً من سياق عام تجلى بغياب الدولة وتغييبها عن مناطق شمال الشمال, وهنا تمثل وثائق الحوار الوطني دليل عمل ليس فقط لحل مشكلة سلاح الجماعة, ولكن لإعادة بناء الدولة.
وإجمالاً, فإن الانتماء لما هو وطني ومدني, يقتضي أن تكون الكلمة معبرة عن الوطنية, وصادرة بما تقتضيه هذه الوطنية من مسئولية يتحملها الكتاب وقادة الرأي العام الذين عليهم أن يحرروا الكلمة من قيود التبعية السياسية والأرزقية المالية.
albadeel.c@gmail.com