خليط من الخداع والتبريرات البراغماتية والمواقف المتناقضة حكمت سلسلة الإدارات اليمينية الجمهورية في الولايات المتحدة، وفاضت بحقائق سياسية داخلية تتمنَّع على أية محاولات للوسطيين الديمقراطيين للخروج منها وعنها.
وإذا أخذنا على سبيل المثال لا الحصر الصعوبات البالغة التي واجهتها إدارة أوباما الديمقراطية، والمتعلقة بإصلاح الخدمات التعليمية والطبية، وإنعاش نظام الحوافز للطبقات الوسطى والفقيرة، سنجد أن اليمين المحافظ يناوئون تلك السياسة، فيما نتذكّر أنهم كانوا يدعمونها على عهود ريغان وبوش الأب، وهذا ما يسري على سلسلة القضايا الداخلية الأمريكية، ما يجعل المُتغيِّر الدولي المحتمل في سياسات الولايات المتحدة مقبوضاً بقوة المنع الصاعق للمحافظين الجمهوريين الهرمجدونيين.
ذهب الجمهوريون إلى العراق وهم لا يستهدفون رأس النظام من حيث الجوهر، ولا يمتلكون أدنى حجّة في وجود أسلحة دمار شامل؛ بل لأنهم يعتقدون أن إزاحة صدَّام عتبة عابرة في سبيل القفز على إيران وكوريا الشمالية ضمن ذات السيناريو، وتالياً تحقيق مثلث تركي إيراني عراقي موالٍ للولايات المتحدة، ثم استكمال المخطّط الافتراضي بإنجاز الضربة القاضية في سوريا، توطئةً لالتفاتةٍ واسعةٍ صوب الخليج والجزيرة ومصر واليمن لتغيير “الأصدقاء المُستبدّين” دونما حاجة إلى شن حروب جديدة..!!.
قد لا يُصدِّق القارئ مثل هذا السيناريو الافتراضي الهوليوودي؛ لكن مراجعة أساسية لأحداث سبتمبر ومقدّماتها تكشف أن التفكير الهوليوودي الاستسهالي جزءٌ من المُكوِّن العقلي لليمين المحافظ، وقد تجلَّت هذه الحقيقة بالترافق مع أحداث «الربيع العربي» فقد رسّخت دوائر الصناعة الإعلامية الأمريكية العالمية في الأذهان تلك الأحداث الموضوعية بوصفها مجرد «نظرية مؤامرة» بعد أن قامت بتشجيع مشاريع سياسية غامضة لتسفر عن وجه التخلِّي البراغماتي عن أصدقاء الأمس الأوفياء ممن لم يعودوا أفتياء بحسب التقديرات الأمريكية، ولنشهد لاحقاً معنى “الفوضى البنّاءة” وسط خرائبنا المفتوحة على مزيد من الخرائب والعجائب..!!.
Omaraziz105@gmail.com