صـدرت في الآونـة الأخـيرة عــدد مـن المـؤلفات التي تحـاول رصــد وتحلـيل متغـيرات المشهـد السيـاسـي الـراهـن منـذ أزمة 2011م وحتى اليوم من منطلق رؤى متعددة .. ولعل الأحداث التراجيدية التي تشهدها الساحة الوطنية خلال هذه الفترة تتطلب المزيد من الوقت للتمحيص والتحليل، فضلاً عن ضرورة غربلة الوقائع والأحداث بمعايير موضوعية ومناهج علمية تحتم على الباحثين أخذ ذلك بعين الاعتبار.
وفي هذا الصدد لا نغفل بعض الجهد العلمي الذي توخته بعض هـذه الكتب ونشير هنا على وجه التحديد إلى كتاب الزميل أحمد عبدالله الصوفي الموسوم بــ«تحالف القبيلـة والإخـوان» والذي ركز في مجمله على ما حدث في اليمن صبيحة الجمعة بتاريخ 3 /6 /2011م وتحديداً خفايا محاولة اغتيال الرئيس السابق علي عبدالله صالح في حادث جامع دار الرئاسة وبالتالي رصد لأحدى أهم لحظات تاريخ اليمن المعاصر وصرعاته مدعماً بشهادات بعض ممن عايشوا تلك اللحظات الفاصلة مستنداً إلى وثائق ومعلومات دقة في الصدقية.
مناسبة هذا الحديث النسخة الجديدة والمنقحة من الكتاب في طبعة ثانية التي أهدانيها الأخ الزميل أحمد الصوفي.. خاصة وأن المؤلف قد قدم قراءة تحليلية موضوعية لسياق الأحداث ودور الأطراف المعنية في هذه الأزمة إجمالاً وفي محاولة الاغتيال خاصة فضلاً عن احتواء دفتي الكتاب على تفاصيل موثقة لعدد من السيناريوهات التي فشلت في محاولة اغتيال أركان الدولة والرموز المتورطة فيها وقت ذلك.
وفي هذه القراءة السريعة يمكن التوقف عند أبرز الاضافات التي احتوتها الطبعة الجديدة من الكتاب وبخاصة تلك التي ركزت على الـدور البارز الذي لعبه الرئيس عبدربه منصور هادي إثر وقوع الجريمة حيث أماط المؤلف اللثام عن الاتصالات المكثفة التي أجراها الرئيس هادي عبر القنوات الدبلوماسية مع كل من أمريكا وفرنسا والسعودية ..وهي الاتصالات التي أسهمت إلى حد كبير في نزع فتيل أزمة الاحتراب والمواجهة العسكرية، فضلاً عن الشهادة الضافية التي قدمها السفير السعودي لمؤلف هذا الكتاب في سياق كشف أبعاد تلك المؤامرة.
والخلاصـة فإن الكتاب حـري بالقراءة ليس لما تضمنه من وقائع وأحداث مؤسفة وإنما لأنه يذكرنا بحقائق ضرورة الاستفادة من أخطاء وسلبيات الخصومة عندما تتحول إلى جريمة كاملة الأركان كما حدث في تلك الواقعـة المحزنة التي لا ينبغي بأي حال من الأحوال إعادة إنتاجها.