هذا العنوان اللافت يجرنا إلى سؤال مركزي يتعلق بماهية الثقافة العربية، وبالإجابة على هذا السؤال يمكننا الولوج إلى العنوان بالذات، ولهذا أقول: إن الثقافة العربية صادرة عن بُعد واحد، ثم بُعدين، ثم أبعاد متعددة، والسؤال المُلح الآن هو: كيف يمكن لهذه الثقافة أن تكون ذات بُعد واحد، ثم تنعطف إلى ثنائية بُعدية، فيما تنطوي على تعددية؟.
ننطلق أولاً من سائد المُعطى العربي الثقافي باعتباره حمّال بُعد واحد، فهذا السائد اليوم مركزه الوحي، وحامله الأكبر الدين الإسلامي، فالمعروف تاريخياً أن الدين الإسلامي جاء ليجيب على كامل الأسئلة الوجودية والماورائية، وليقيم نموذجاً ناجزاً وجاهزاً مداه الإيمان اليقيني بالغيب، والطمأنينة الموصولة بالتسليم بمقتضيات الغيب، واعتبار أن الحياة الدنيا عتبة إشارة لما بعدها، وأن ميزان الحكمة والسويّة يكمن في هذا التسليم الإيماني الموصول برسالات السماء السابقة، وهنا نستطيع أن نستوعب الواحدية البُعدية بوصفها نبعاً مصدره الدين الحنيف وإليه يؤول.
آية ذلك كامل التراث التدويني الذي ضبط قواعد الرأي والكلام والتفسير، بل وجدْول وصنّف تلك القواعد على أُسس من «بيان وتبيين» لا تخلو من اجتهادات وخلافات، لكنها اجتهادات في الشكل لا المضمون، والشاهد أن قرينة الدين الحنيف تتّصل بالكتاب الذي لا ريب فيه والذي جاء كتاب هدي للمتقين، وفي سورة البقرة تتواصل تلك القرينة بمجاورة للإيمان بالغيب، ثم إقامة الصلاة والإنفاق، ضمن متوالية تؤكد الصيرورة الأزلية الأبدية لما كان وما سيكون .
هذا ما قصدته بالواحدية الثقافية التي كانت اللغة العربية حمّالة لها، فيما تواشجت مع الشريعة الإسلامية، وفاضت بتفاعلية إنسانية شاملة سنأتي عليها ونحن في معرض الحديث عن تعددية الثقافة العربية.
Omaraziz105@gmail.com