من الصعوبة بمكان الحديث عن مشهد عالمي واحد، ولكن من السهولة القول: إن هناك مشهداً عربياً واحداً مزاجه اللّا تكامل والتشظّي والاستسلام لأحوال الزمان وأقداره الجبرية.
في المقابل يمكن الحديث عن وضع عالمي متحرّك ومتنوّع؛ ولكن على قدر من الثبات فيما يتعلّق بالبحث عن التكامل والوحدة والاندماجات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
المجموعة الأوروبية نموذج ساطع في هذا المجال، كما أن آسيا تسعى بدأب لأن تجد لها مكاناً في هذا العالم المترجرج؛ فيما نستجر نحن العرب خيباتنا وإقامتنا المديدة في مرابع العشيرة والقبيلة؛ مستعيضين عن منطق العصر بعقلية المراعي والقبائل..!!.
إن ما يجري في عالم اليوم لن يسمح للمتشرنقين بمكانة أو مستقبل؛ بل سيجعلهم أتباعاً يُقادون بإرادة الشركات والقوى الاقتصادية العملاقة العابرة للقارات، بل إن ثقافتنا الخاصة ستصبح في مهب الريح، خاصة أننا الوحيدون الذين يتخلّون طواعية عن لغتهم وأولوياتهم الثقافية.
فإذا ما تجوّلنا في أروقة التعليم العالي بالعالم العربي، فسنجد انتشاراً مميزاً للتدريس باللغة الإنجليزية؛ بينما لن نجد مثل هذا الأمر ولو في أصغر البلدان سكاناً وأضعفها كياناً.
ومع استمرار دورة الزمان وتواتر الأيام؛ تزداد المشكلة الهيكلية العربية فداحة وتعمقاً، وتصبح الأولويات غائمة في فضاء اللهاث وراء المشاكل الحياتية والإقليمية مما ينذر بعواقب وخيمة.
من المؤكد الآن أن الوضع العربي المؤسّسي ليس في وارد التقاط هذه الحقائق؛ خاصة أن روح الانفصالات والمحلّية الضيّقة تزداد تعمّقاً؛ فيما يتحوّل العمل المشترك إلى نكتة حقيقية في بلدان لا يجمعها سوى رابط اللغة الأزلي وعبقرية المكان والتاريخ.
لا نقول هذا الكلام استطراداً على العواطف أو بحثاً عن المستحيل؛ بل نقوله امتداداً للضرورة الموضوعية التي كثيراً ما أرهقناها بمزاجنا الغريب وإصرارنا الأغرب على مواجهة الحقائق بالأوهام..!!.
Omaraziz105@gmail.com