مع تفاقم الأزمة السياسية والأمنية في اليمن؛ تسابقت وسائل الإعلام المحلّية والخارجية إلى تبنّي وجهات نظر تزعم أنها تحليلية تجاه مختلف تطوّرات الشأن اليمني؛ إلا أن العديد منها لم يدم طويلاً قبل أن يكشف الغطاء عن الخلفية العقائدية التي يتّكئ عليها هذا الخطاب الإعلامي.
وإذ كان ذلك ليس مهمّاً في هذه التناولة ـ رغم أهمّيته ـ إلا أنني أشير هنا فقط إلى ثلّة من المحلّلين السياسيين المحلّيين الذين يطلّون علينا صباح مساء بآراء لا تستقيم مع المنطق وحيثيات بعيدة عن الواقع ورؤى تحلّق في فضاء لا صلة له بأي حال من الأحوال مع طبيعة هذه التطوّرات التي تعيشها الحالة اليمنية.
ومع الاحترام الشديد لبعض التناولات والتحليلات الموضوعية والمحايدة؛ إلا أن كثيراً من الأقلام والأصوات الإعلامية تغرّد خارج سرب الإجماع الوطني، بل تحاول دق إسفين الفتنة الطائفية والمذهبية، وتعميق جراح اليمنيين، وتوسيع شُقّة الاختلاف بينهم؛ في محاولة لجرّهم إلى حلبة الصراع والاقتتال.
ولست أدري ما إذا كنّا بحاجة إلى إحياء وطرح مشروع ميثاق الشرف الإعلامي الذي سيمكّن من التذكير ببعض القيم والثوابت الأخلاقية والوطنية التي تعتمدها الرسالة الإعلامية الهادفة والموضوعية، فضلاً عن فرملة البعض من الإساءة إلى هذه الرسالة تارة تحت البحث عن أوهام الشهرة، وتارة أخرى تحت الارتهان لمراكز القوى.
بل لعل التساؤل القائم عمّا إذا كان الوقت قد فات لإعادة إحياء التذكير بهذا الميثاق تحت السباق المحموم في الفضاء الإعلامي المفتوح لكيل الاتهامات وإثارة الضغائن بين مكوّنات المجتمع، أم أنه لايزال ثمّة متسع من الحوار لإيجاد مخرج لأزمة الإعلام في تعاطيه مع الراهن من الأزمات..؟!.
في حقيقة الأمر، ما استدعاني إلى إعادة طرح مناقشة هذه القضية؛ هو تلك الآراء والاجتهادات والانطباعات التي نزلت على رؤوسنا عبر الفضائيات والصُحف لتقويم الحكومة الجديدة شكلاً وموضوعاً؛ حتى قبل أن يتعرّف هؤلاء الكتّاب على هويّة هذه الوزارة أو معرفة القليل من إمكانيات أعضائها.. وثمّة من ذهب إلى ذم الحكومة والحكم عليها بـ«الفشل مسبقاً» ومنهم من تغنّى بها دون مراعاة لعقل المتابع الحصيف الذي سيستهجن بالتأكيد مثل هذه التناولات المتسرّعة؛ سواء المتعسّفة في الحكم على الحكومة والتي لم يمضِ على تشكيلها غير أسابيع معدودة أم المبالغة في الإطراء عليها حتى قبل أن تتسلّم عملها..!!.
فقليلٌ من الموضوعية يا معشر الإعلاميين..!!.