تحت هذا العنوان نظّم فرع المؤتمر الشعبي العام بمحافظة تعز صباح الأربعاء الماضي ندوة فكرية حول الآثار السلبية للإرهاب على الوطن وأمنه واستقراره ووحدته وتطوره وتقدمه وضرورة إيجاد اصطفاف وطني لمواجهته وتطهير بلادنا من الإرهاب والإرهابيين.. وبينما كنا نستمع إلى أوراق العمل المقدمة للندوة والتي تناولت قضية الإرهاب من مختلف الجوانب - جذوره وأسبابه وآثاره التدميرية ـ إذ بنا نتلقى نبأ فاجعة التفجير الإرهابي الجبان والغادر في قاعة المركز الثقافي بمدينة إب الذي استهدف جموع المشاركين في الاحتفال بمولد رسول الله والرحمة المهداة المصطفى محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم ونتج عنه استشهاد وإصابة العشرات من الأبرياء.
لقد أبى أولئك الإرهابيون الذين عقدوا حلفاً مع الشيطان إزهاق أرواح اليمنيين وسفك دمائهم الزكية وتدمير مقدرات الوطن وتقويض أمنه واستقراره إلا أن يجعلوا أبناء الشعب اليمني يودعون آخر يوم من العام الميلادي 2014م ويستقبلون العام الجديد 2015م بجريمة التفجير الإرهابي داخل قاعة المركز الثقافي بمدينة إب والتي تعد ثاني جريمة بشعة تُرتكب خلال شهر ديسمبر ،حيث لم يمض على الجريمة الإرهابية البشعة الأولى التي حدثت بمدينة رداع ثلاثة عشر يوماً والتي أودت بحياة ست عشرة طالبة وإصابة خمس عشرة أخريات من طالبات مدرسة الخنساء وكذا ثلاثة وعشرين شخصاً وإصابة عشرة آخرين.. هاتان الجريمتان هزتا أرجاء البلاد وأدمت قلوب كل اليمنيين لبشاعتهما ولهول المصاب الجلل كون الأولى ضحاياها من الطالبات صغيرات السن ومواطنين عزّل والثانية ضحاياها أدباء وشعراء وإعلاميون وقيادات محلية وتنفيذية وحزبية واجتماعية ومواطنون عزّل كانوا يحتفلون بمولد رسول الرحمة ومعلم البشرية وهاديها إلى سواء السبيل النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وقبل هاتين الجريمتين نفذ الإرهابيون عدداً من الجرائم الإرهابية خلال العام المنصرم أبرزها جريمة التفجير الإرهابي بميدان التحرير بالعاصمة صنعاء في التاسع عشر من أكتوبر والذي استهدف المشاركين في الاحتفال الذي نظمه أنصار الله وأودى بحياة سبعة وأربعين وإصابة خمسة وسبعين شخصاً والجريمة النكراء المتمثلة بذبح أربعة عشر جندياً من أفراد القوات المسلحة بمحافظة حضرموت في شهر أغسطس والاعتداء الإرهابي على النقطة الأمنية بمحافظة حضرموت أيضاً والذي أسفر عن استشهاد ثلاثة وعشرين فرداً من منتسبي قوات الأمن الخاصة.. وكذا الهجوم الإرهابي على إدارة أمن جبل راس بمحافظة الحديدة في شهر نوفمبر والذي أسفر عن استشهاد وإصابة تسعة عشر جندياً.
لا يمكن بأي حال من الأحوال تبرير الأعمال الإرهابية بكل أشكالها وأنواعها مهما كانت الأسباب والدوافع، فكل الذين يتعاطفون مع أولئك الإرهابيين ويلتمسون لهم الأعذار وكل من يتسترون عليهم يعدون شركاء لهم في الجرائم التي يرتكبونها مثلهم مثل أولئك الذين يخططون للعمليات الإرهابية وجرائم الاغتيالات ويمولونها ويدربون الإرهابيين على تنفيذها ويوفرون لهم الحماية والمأوى.. فالجميع شركاء في الجريمة.
هل يُعقل أن من يخططون ويمولون وينفذون العمليات الإرهابية التي تسفك دماء المسلمين وتزهق أرواحهم هم مسلمون يقرأون كتاب الله الحكيم ويصلون ويصومون؟.. فكيف يمكن لمسلم أن يقدم على ارتكاب هذه الجرائم الإرهابية البشعة وهو يتلو قوله تعالى :{ومن قتل نفساً بغير نفسٍ أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً} وقوله تعالى:{و لا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق} ويقرأ حديث الرسول صلى الله عليه وسلم «لأن تهدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من أن يراق دم أمرئ مسلم».
هل يعلم هؤلاء الذين يرتكبون الجرائم الإرهابية والذين يخططون لها ويمولونها أنهم سيقفون أمام مالك الملك في اليوم الموعود وسيسألهم العزيز الجبار لماذا تعدّيتم على حقه في إزهاق أرواح من قضوا نحبهم في تلك العمليات الإرهابية التي نفذتموها؟.. ماذا سيكون ردهم وماذا سيقولون دفاعاً عن أنفسهم؟.
بالمقارنة بين عدد العمليات الإرهابية التي شهدها وطننا اليمني وعدد من الدول العربية الشقيقة وخصوصاً مصر وسوريا وليبيا وتونس منذ العام 2011م وحتى نهاية العام 2014م وبين العمليات الإرهابية التي ارتكبت خلال السنوات العشر السابقة للعام 2011م سنجد أن الجرائم الإرهابية التي ارتكبت خلال الأربع السنوات الماضية يفوق أضعاف الجرائم التي ارتكبت خلال الفترة من 2000م وحتى نهاية العام 2010م، وهو ما يؤكد أن ما أسموه بثورات الربيع العربي هو في الحقيقة مشروع صهيوني عالمي لتدمير الشعوب العربية من داخلها عبر الجماعات الإرهابية والفوضى التدميرية التي أطلقوا عليها “الفوضى الخلاقة”.
جميع أبناء الشعب اليمني يدركون مدى خطورة استمرار الإرهاب على حياتهم وسلمهم الاجتماعي وأمن واستقرار الوطن ووحدته ،ولذلك فإنه يتوجب سرعة تشكيل اصطفاف وطني لمواجهة خطر الإرهاب والوقوف صفاً واحداً في وجه الإرهاب وكل المشاريع التدميرية التي تستهدف مقدرات الوطن والشعب - الاقتصادية والعسكرية والأمنية - وجعل اليمن ساحة مفتوحة للصراعات الحزبية والسياسية والطائفية والمذهبية والعمليات الإرهابية خدمة للمشروع الصهيوني العالمي.