مهما كانت درجة الخصومة الحزبية، ومهما اختلفنا، ومهما بلغت الأحقاد والضغائن فيما بيننا كيمنيين؛ إلا أن ذلك لا يعطي مبرّراً لأن نحمل السلاح ضد بعضنا البعض، ولا يعطي مبرّراً لأن يؤيّد البعض منّا العدوان البربري الهمجي الغاشم على وطننا وشعبنا اليمني.
فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن يرضى أي إنسان عاقل بأن تُزهق الأرواح البريئة، وتُسفك الدماء الزكيّة لأبناء وطنه لأي سبب كان سواء كان ذلك بأيدٍ يمنية أم بأيدٍ أجنبية.
ما يشهده وطننا اليمني اليوم من إزهاق للأرواح البريئة وسفك للدماء الزكيّة وتدمير شامل لمقدّرات الوطن والشعب الاقتصادية والعسكرية والتنموية والبشرية؛ ما كان ليحدث لو أن الأطراف المتصارعة على السُلطة والقوى السياسية غلّبت المصلحة الوطنية العليا على مصالحها الحزبية والشخصية الضيقة.
ولكنها للأسف ظلّت على مدى السنوات الماضية وخاصة منذ الانتخابات الرئاسية والمحلّية التي جرت في سبتمبر من العام 2006م تذكي نار الخلافات والصراعات في ممارستها للعمل السياسي والجماهيري وفي خطابها الإعلامي حتى اندلعت الأزمة العصيبة مطلع العام2011م في إطار ما سمّي بـ«الربيع العربي» الذي أثبتت الوقائع والأحداث أنه ربيع عبري تم الإعداد له لتنفيذ المخطّط الصهيوني العالمي «الشرق الأوسط الجديد».
وبالرغم من تجاوز كارثة الحرب والدمار التي كانت وشيكة حينها من خلال جنوح جميع الأطراف المتصارعة على السُلطة إلى الحلول السلمية؛ وذلك بالتوافق على نقل السُلطة سلمياً بموجب المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمّنة وبإشراف الأمم المتحدة والدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ودول مجلس التعاون الخليجي.
بالرغم من ذلك فقد ظلّت نار الفتنة مستعرة تحت الرمضاء ولم يتم إطفاؤها بشكل كامل؛ فبينما كانت جلسات الحوار تنعقد في قاعة فندق موفمبيك بين كافة القوى والمكوّنات السياسية والاجتماعية كانت هناك أيادٍ تعمل في الخفاء تخطّط وتعد وتحضر للسيناريو التدميري لليمن والذي يتم تنفيذه منذ اندلاع الأزمة الجديدة في سبتمبر العام الماضي والذي تجلّت أهدافه بصورة واضحة من خلال شن العدوان الهمجي على وطننا وشعبنا اليمني من قبل عدد من الدول العربية من فجر يوم الخميس 26 مارس المنصرم.
من المؤسف أن قيادة المملكة العربية السعودية سعت إلى تشكيل حلف عسكري عربي يضمُّ إلى جانبها الإمارات والكويت وقطر والبحرين والأردن والسودان والمغرب وكذا مصر العروبة؛ للأسف الشديد ليس لتحرير فلسطين وهضبة الجولان السورية ومزارع شبعا اللبنانية المحتلة من قبل الكيان الصهيوني أو لتحرير جزر الإمارات العربية المتحدة المحتلة من قبل إيران؛ ولكن تم تشكيل هذا الحلف للعدوان على اليمن لتدمير مقدّراته الاقتصادية والعسكرية وقتل أبنائه بدعم ومساندة من أمريكا وتركيا وباكستان وبمباركة من جامعة الدول العربية والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي وصمت المجتمع الدولي؛ وكأن اليمن هي التي تحتل أرض فلسطين وهضبة الجولان ومزارع شبعا اللبنانية..!!.
والمؤسف أكثر أن هناك من أبناء الشعب اليمني يؤيّدون هذا العدوان على وطنهم، ويهلّلون ويرقصون فرحاً وطرباً بضربات طيران التحالف العدواني على وطنهم..!!.
أقول لإخواني من أبناء وطني الحبيب الذين يؤيّدون العدوان على وطنهم وأبناء شعبهم: اتقوا الله في أنفسكم وفي وطنكم وشعبكم، فالعدوان على وطننا يستهدف كل أبناء الشعب اليمني دون استثناء؛ لا يفّرق بين حوثي ولا مؤتمري ولا إصلاحي ولا اشتراكي ولا ناصري ولا بعثي ولا سلفي ولا مستقل ولا شمالي ولا جنوبي؛ بل يستهدف الجميع رجالاً ونساءً وشيوخاً وأطفالاً عسكريين ومدنيين على حدٍ سواء، ويستهدف تدمير البُنى التحتية وكل مقدّرات الشعب اليمني وإمكاناته الاقتصادية ومقدّراته العسكرية والأمنية والحصار الذي فرضوه على المطارات والموانئ لمنع وصول المواد الغذائية والأدوية يستهدف كل اليمنيين.
أقول لأولئك المؤيدين للعدوان من أبناء وطني: ماذا ستقولون لأبنائكم عن الولاء الوطني وبأن حب الوطن من الإيمان والدفاع عنه دفاع عن العقيدة والتخلّي عنه تخلٍّ عن العقيدة، كيف يمكن أن تقولوا لأبنائكم إن الولاء الوطني يتمثّل في الحفاظ على سيادة الوطن واستقلاله وعقيدته، وأية وتبعية خارجية يعتبر خيانة وطنية عظمى..؟!.
وأقول لقادة التحالف العدواني على بلادنا: اقرأوا تاريخ اليمن جيّداً لتعلموا أن اليمن هي الموطن الأول للعرب جميعاً من نسل قحطان وعدنان، ولتعلموا أن اليمنيين هم «أولو قوّة وأولو بأس شديد» كما وصفهم الله في كتابه الكريم، اقرأوا التاريخ لتعرفوا أن اليمن مقبرة الغزاة.
نحن لم نعتدِ على أية دولة من دولكم؛ فلماذا تعتدون علينا؛ هل من أجل إعادة عبدربه منصور هادي إلى كرسي السُلطة على جماجم وأشلاء اليمنيين، أم من أجل تقليم أظافر إيران والحد من خطرها على أمن واستقرار دول الخليج العربي كما تدّعون، فهل دولة إيران تقع في الجزء الجنوبي من شبه الجزيرة العربية أم في الضفة الشرقية للخليج العربي..؟!.
اعلموا أن الشعب اليمني شعبٌ عظيم لا يمكن أبداً أن يقبل الوصاية عليه من الخارج؛ فهو يرفض الركوع والهوان والضعف والانحناء للأجنبي وإن كلّفه ذلك حياته.
كم سلكنا ومشينا
طُرقاً تفنى بها روح الفناءِ
ورفضنا وأبينا
ركعة الهون وضعف الانحناءِ
نحن رفض رافض إن مسّنا
ظلم ظلاّم بعيداً أو قريبا
كم رفضنا ولبسنا رفضنا
حللاً حمراً وإصراراً عجيبا
نحن رفض أبداً لكننا
نعشق الحق جليلاً ومهيبا
الشاعر: عبدالله عبدالوهاب نعمان