ما حدث يوم أمس في العاصمة صنعاء ٌإنما يمثّل إحدى حلقات مسلسل تأزيم الموقف والدخول في خيارات أكثر مرارة مما شـاهدناه خلال الفترة الماضية، فضلاً عن عرقلة جهود إنجاز التسوية السياسية دون إدراك عواقب مثل هذه التصرّفات التي ستلقي بظلالها السلبية على كافة مناحي الحياة.
ما يحدث في العاصمة من صدام مسلّح يمثّل بداية الانزلاق إلى هاوية خطيرة ما لم يتم تدارك الموقف والعودة إلى طاولة الحوار للبحث جدّياً في مختلف الإشكاليات المطروحة؛ وبالتالي مناقشة وجهات النظر – مهما تباينت – وفي الاتجاه الذي يحافظ على سلامة وأمن واستقرار الوطن وبما يعزّز تجربة التحوّل السياسي ودون الانحراف عن مسارات التسليم بمبدأ التداول السلمي للسلطة ووفقاً لمرجعيات الإجماع الوطني الذي تبدّى جلياً في مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل.
ولا شك أن السُحب الملبّدة فوق العاصمة صنعاء تلقي بظلال حزينة على قلوب اليمنيين جميعاً؛ وتتطلّب لتبديدها مبادرة من كل الأطراف تلتقط هذه اللحظة الحرجة وتتجاوز التحدّيات التي يمكن أن تقود إليها مع ما يتطلب ذلك من بذل ومضاعفة الجهد لإطفاء هذه الحرائق قبل أن يستعر أوارها في كل أنحاء الوطن.
وأجدني – بالمناسبة - ملزماً بالتنبيه إلى مخاطر التحرّكات المريبة التي يقوم بها طابور طويل من المستفيدين جرّاء احتدام هذا الصراع المسلّح وإمكانية وصوله إلى ذروته؛ الأمر الذي يتوجّب على مختلف القوى السياسية والمكوّنات المجتمعية والنُخب المثقفة التنبُّه إلى هذه المخاطر والتحرُّك السريع لمحاصرة تداعياتها.
وأشير هنا – على وجه الخصوص – إلى أن ثمة مسؤولية كبيرة يضطلع بها الإعلام الوطني في إطار محاصرة هذه التحدّيات، والعمل بروح المسؤولية للحفاظ على وحدة وتماسك المجتمع عوضاً عن إذكاء الصراعات وإشعال الحرائق وبخاصة في توقيت خطير يعرف فيه الجميع أنه لن يكون فيه من رابح عدا حفاري القبور..!!.