ما يعتمل من حراك في المشهد السياسي والأمنــي داخــل السـاحة الوطنيـة لـه بواعثه ومبرراته وبخاصة بعد تداعيات أحداث 21 سبتمبر وتباعاتها التي نجمت بعد ذلك عن فراغ دستوري في موقعي السلطتين الرئاسية والتنفيذية .
واذا كانت هذه الحوارات القائمة حالياً بين الاطراف المعنية بصدد البحث عن صيغ تستهدف الخروج من شرنقة الأزمة الراهنة، فإنه لا يجوز ــ بأي حال من الأحوال ــ أن تتحول هذه السجالات السياسية والإعلامية بين هذه الاطراف الى سجالات عقيمة تعمل على تعميق الجروح وبث روح الشقاق والاختلاف وإذكاء أمراض التخلف الاجتماعي من مذهبية وطائفية ومناطقية .
وفي هذا الصدد ، أعتقد أن وسائل الإعلام التي تتسابق في حمل رايات تعميق الفرقة والشتات ، حيث تتحمل هذه الوسائل جانباً كبيراً من المسئولية بكل ما ترتبه من تداعيات خطيرة على تماسك المجتمع وانهيار منظومة القيم والمبادئ الأخلاقية .
ومن هنا لابد من ترشيد الخطاب الإعلامي وتوجيهه في الإطار الذي يحافظ على الثوابت الوطنية وبخاصة في هذا الظرف الاستثنائي الذي يمر به الوطن وبحيث لا تكون الوسائل الإعلامية أدوات في أيادي بعض القوى لتوسيع شقة الاختلاف والإضرار باللحمة الوطنية ، لكن المطلوب من هذه الوسائل في مثل هذه الظروف أن تعمل على إحياء قيم القواسم المشتركة وتعبيد الطريق للمصالحة وتقريب وجهات النظر بين الأطراف المعنية ولما من شأنه مصلحة تجنيب اليمن مخاطر الذهاب إلى دوامة الاحتراب الأهلي .
لقد تابعت خلال الأيام الماضية تلك السجالات العقيمة التي تتبناها ــ مع الأسف الشديد ــ بعض القوى السياسية الصاعدة التي تتكئ على خطاب مذهبي ، فضلاً عن بعض وسائل الإعلام للإساءة إلى جدار التماسك الوطني واستهداف بعض الرموز الوطنية .. وتحديداً في محافظة تعز التي تتعرض لحملة شعواء تستهدف الإساءة إلى دورها النضالي والوطني العريق .
ولابأس هنا أن أشير على وجه الخصوص إلى تلك الحملات الإعلامية الممنهجة للنيل من شخصية محافظ المحافظة الأستاذ شوقي أحمد هائل تستهدف التشكيك في مواقفه الوطنية ، فضلاً عن محاولة الإساءة إلى أبناء هذه المحافظة التي كانت على الدوام وعبر التاريخ ملاذاً آمناً لكل أبناء الوطن ومن كل المناطق والمذاهب ، حيث كانت ــ ولاتزال ــ حاملة وصادقة وأمينة لمشاعل الثورة والتغيير ولما من شأنه صياغة مستقبل آمن ومزدهر لكل أبناء اليمن .
الأمل الكبير في أن تتخلص هذه القوى المشدودة إلى الماضي وبعض وسائل الإعلام من هذه اللغة العدائية والتخوينية في مضامينها ودلالاتها وانعكاساتها السلبية على تماسك المجتمع .. والبدء ــ عوضاً عن ذلك ــ في المساهمة الفاعلة لتعزيز وحدة الاصطفاف الوطني .. وبالتالي الخروج من أسر المربع الضيق الذي ارتهنت إليه هذه القوى دون إدراك منها لمخاطره عليها أولاً وعلى الوطن أخيراً.