يثبت التاريخ المعروف أن تطور المجتمعات البشرية يتم بصورة حلزونية، فيبدو المجتمع وكأنه يعيد إنتاج نفسه، لكنه في الحقيقة يُلغي القديم ليفسح باباً للجديد. هذا ما ذهب إليه كبار علماء التاريخ، وكان ابن خلدون أول من قرن أعمار الدول بالتحولات الجبرية، وكارل ماركس رأى في التشكيلات الاقتصادية والاجتماعية التاريخية مساراً جبرياً للتحولات في المجتمعات البشرية، وإلى ذلك ذهب آخرون كثيرون.
الناظرون لأمر التاريخ عبر عدسات إبصاراتهم المحدودة يتوهمون قدرتهم في السيطرة على الزمان وتحولاته، وعلى المكان واستحقاقاته.. وهم فيما يستوهمون ذلك، يصبحون كذلك الذي يحاول إيقاف إعصار عاتٍ، أو منع مدٍ شاهقٍ لبحرٍ متدفقْ، ذلك أنهم لا يدركون أن الحقيقة أبعد عن ذلك بكثير، فالتحول جبر لا مفر منه، والانتقال سياق موضوعي عام لا يمكن إيقافه، والتاريخ يمضي مُترعًا بالدهاء والمكر الذي يتجاوز منطق المقيمين في مرابع مألوفاتهم الحياتية.
في حالتنا الراهنة المقرونة بدولة غائبة، وأُخرى مخطوفة، سيقدم التاريخ جوابه الناجز باتجاه دولة جديدة مغايرة، وهذا ما قد نراه قريباً.
Omaraziz105@gmail.com