من الواضح أن سور الصين العظيم لم يعد محصوراً -بدلالاته الإنسانية والحضارية الإيجابية- على الرقعة الجغرافية لأجزاء من الصين.. ليس باعتباره سداً منيعاً ضـد الغزاة والطامعين والمستعمـرين.. قلنا إن هذا السور لم يعد محصوراً في إطار هذه الجغرافيا وإنما تجاوز ذلك إلى تكريس معانٍ ودلالات عظيمة لرسالة الصين الجديدة في التواصل بين شعوب المعمورة قاطبة.. حتى إن جمهورية الصين باتت شريكاً فاعلاً في تحقيق مبدأ السلام الدولي والتعايش السلمي وركناً مهماً في إنجاز التوازن الإستراتيجي وسنداً قوياً داعماً لتجارب الشعوب والدول النامية والمتخلفة على حد سواء.
< < <
استعرضت هذه المقدمة الموجزة، تزامناً مع الزيارة الرئاسية التي سيقوم بها الأخ عبد ربه منصور هادي، رئيس الجمهورية إلى جمهورية الصين الشعبية والتي تمثل واحدة من أبرز سمات العلاقات الإيجابية المضطردة بين الشعبين الصديقين والقيادتين السياسيتين، خاصة إذا ما عدنا بالذاكرة إلى تلك الوقفات الصادقة التي وقفتها الصين إلى جانب الشعب اليمني وهو يتلمس طريق الحرية والاستقلال والتطور وتحديداً منذ خمسينيات القرن المنصرم عندما شقت الصين أول طريق يربط بين سواحل الحديدة والعاصمة صنعاء، مروراً بما قدمته الصين – بعد ذلك – من دعم تنموي ولوجستي لفترة ما بعد الثورة وفي مختلف منعطفات التحول في اليمن.
وتأكيداً لهذه الحقائق فقد تم خلال الأيام المنصرمة تدشين أحد رموز هذه العلاقات المتينة والراسخة التي تربط بين البلدين والشعبين الصديقين .. وذلك من خلال الرمزية المتمثلة في إقامة المكتبة الوطنية الكبرى بالعاصمة صنعاء بتمويل وتنفيذ صيني، حيث تم – بالمناسبة – استحضار عمق هذه العلاقات والآفاق الرحبة التي ستتبلور عن الزيارة الرئاسية للأخ عبدربه منصور هادي إلى الصين، خاصة في ظل تنامي العلاقات الثنائية ودعم الصين السخي بالقول والممارسة وعلى كافة الصُعد الإنمائية والسياسية والاجتماعية، حيث تجلت أبرز ملامح هذا الدعم في رعاية وتشجيع التسوية السياسية المبنية على المبادرة الخليجية وتأكيد الموقف الداعم لاستقرار ووحدة ونماء اليمن، باعتبار ذلك جزءاً أساسياً من استقرار منظومة الأمن الإقليمي والدولي.
ولا شك أن الزيارة الرئاسية إلى جمهورية الصين سوف تعزز من عمق هذه العلاقات وتدفع بها نحو آفاق تُلبي الرغبة المشتركة في توطيد هذه العلاقات من جهة وتدفع بمشاريع التنمية التي تحتاجها اليمن إلى الواجهة من جهة أخرى .. وهو ما يعطي للصين حكومة وشعباً أفضلية في المزاج الشعبي اليمني الذي ما تزال ذاكرتهُ الجمعية مليئة بصور ومشاهد العطاء الصيني في الماضي ، كما نتمناها أن تكون – كذلك – في المستقبل.