الجو غيم والدُّنيا مُزَهْزهَة العنوان الثاني من لطائف أقوال الراحل منذ أعوام.. الفنان السوداني حسن بدوي، وهي في ظاهرها مزيج من العربية واللهجة السودانية، وكان الراحل يختصر بذلك القول فلسفته للوجود، ورحابة صدره المقرون بالروح السودانوية الجميلة.
نتوقَّف اليوم وعلى مدى الأيام القادمة مع قامة فنية كان لها إسهام كبير في التشكيل العربي من جهة، كما في المدرسة الفنية السودانية المعاصرة، وتكفي الإشارة هنا إلى أن مجلة
topic
الفنية العالمية نشرت صورة الفنان حسن بدوي على صدر غلافها في ستينيات القرن المنصرم.
ذلك الاحتفال المبكّر بالفنّان في الصحافة الفنية العالمية دليل على مكانته الأكاديمية، ومحرّكات نزعته الحداثية التجريبية التي شغلته منذ عقود من العطاء الصامت المتواضع.
تالياً كانت الشارقة حاضناً رحباً لقدرات وملكات الفنان الراحل حسن بدوي عمر، ففيها قدَّم الكثير، وفي أروقة معارضها وبيناليهاتها وملتقياتها الفنية كان البدوي يمثّل الحاضر بأفكاره.. الغائب بوجوده الفيزيائي الاستعراضي. ذلك أنه كان يرى المستقبل الفني بعين الرائي الحاذق، ولم يكن يقبل بأنصاف الحلول، أو التجارب غير الناضجة. وكان شديد الحرص على الجيل الجديد من الفنانين الشباب، وكان يعتقد أن التأسيس المدرسي الصارم خير وسيلة لضمان تشكُّل وتشكيل حركة فنية رائدة.
تلك الرؤية التي تبنّاها الفنان البدوي بحاجة إلى استعادة من قبل الشباب المنخرطين في الفن التشكيلي، لأنها رؤية تُجسِّر العلاقة المنطقية بين الأكاديمي الصِّرف، والتجريبي البحت.
وفيما أتنكَّشب مشقَّة العرض المُكثَّف لسيرة فنان مبدع، أرى بعين اليقين أن تشكيليي اليمن ونقاده الحاضرين في هذا المشهد سيجدون في لطائف البدوي وتحليقاته بعضاً من القيم الفنية الدلالية التي تستحق التفاتة مؤكدة.
Omaraziz105@gmail.com