نحن أمام مستجدات باهظة الثمن وتحوّلات خارقة للعادة، فقد بلغت حالة الوطن ذروتها التراجيدية بالعملية الإجرامية الكبيرة والمنسًّقة في مستشفى “العُرضي” التابع لوزارة الدفاع، والتي أفضت إلى عشرات القتلى ومئات الجرحى، مع قدر كبير من التدمير، وحتى إغلاق العديد من السفارات والمكاتب الدولية، في تعبير سافر عن عدم ثقة المجتمع الدولي بالأمن الرسمي اليمني، واكتملت بشاعة المشهد بالاعتداء الهمجي البدائي على الدبلوماسيين اليابانيين الذين لم يجدوا مفرّاً من الدفاع عن أنفسهم بأيديهم المجرّدة، بعد أن تعرّضوا لاعتداء سافر في رابعة النهار وأمام السفارة اليابانية وعلى مرمى ومسمّع من الجميع..!!.
بتلك المحاولة غير المسبوقة التي استهدفت اختطاف السفير الياباني وزميله، تكون الجريمة المنظّمة قد سجّلت أعلى درجات الاستفزاز، ووضعت أجهزة حماية الشرعية أمام سؤال عسير لا يحتمل سوى إجابة من اثنتين، فإما الشروع في ملاحقة أوكار الجريمة كواجب لا مفرّ منه، أو الاستقالة بشرف لا يستحقه من يحمل نياشين الدولة وأوسمتها.
عمليتا المستشفى ومحاولة الاختطاف تظهران اختلاطاً كبيراً في أوراق لعبة الجريمة والإجرام، ولا يمكن القول إنهما نابعتان من تنظيم «القاعدة» بالمعنى المجرّد للكلمة، ومن هذه الزاوية بالذات لابد من التفتيش عن أوكار هذه الجرائم وكشفها إن لم يكن ممكناً محاسبتها الذي يعتبر من أوجب الواجبات في الظروف الراهنة.
تنظيم «القاعدة» الشبحي والواقعي والافتراضي أيضاً هو الغائب الحاضر في المعادلة، فإلى متى تتمُّ التغطية على الحقيقة الواضحة السافرة ومحتواها أن «القاعدة» ما كان لها أن تفعل ما تفعله لو لم تكن هنالك قوى أُخرى ملتبسة بالحال دون أن تدرك أن المآل القاتم سيلاحقها كغيرها من عموم المواطنين المجروحين في حياتهم ومشاعرهم وأحلامهم.