للمـرة العاشرة - ربما- نعاود الحديث عن دور الاعلام ورسالة المسجد في تعزيز وترسيخ وحـدة تماسك المجتمع ونبذ كل أصوات الفرقة والشتات والتباين.. والأهم من ذلك تكريس خطاب وطني يساهم في إعادة تكوين الشخصية اليمنية على أسس من التوافق والألفة والتسامح والانفتاح، فضلاً عن أهمية التنبيه إلى مخاطر ادعاء احتكار الحقيقة أو محاولة فرض قناعات بعض الأطراف لآرائها على البعض الآخر بقوة السلاح.
ومع الأسف الشـديد، لقد رأينا عدداً غير قليل من وسائل الاعلام _ بما في ذلك رسالة المسجد _
تنأى عن تعزيز هذه القيم، بل وأضحت جزءاً من المشكلة وواحـدة مـن أجنـدة توسيع شقـة الاختلاف وتغذية الكراهية والأحقاد وأبرز معاول الهدم في بنيان المجتمع وتخريب العملية السياسية، ما لم تتداع هذه النخب إلى تحمل مسؤوليتها الدينية والوطنية و بمعزل عن التجاذبات الحزبية والفئوية المقامة راهناً.
لا أريد أن أبدو في هذه التناولة مصلحاً أو واعضاً، ذلك لأن القائمين على هذه الوسائل الإعلامية والدينية يعرفون أكثر مني – ومن غيري – حيوية وأهمية هذه المسؤولية، خاصة في هذا الظرف الاستثنائي شديد الدقة والحساسية الذي يمر به الوطن وتحديداً في تنامي حدة الاستقطاب الفئوي والمذهبي داخلياً ، مستفيداً من التناقضات والتحولات الراهنة ، فضلاً عن دخول بعض القوى الإقليمية على خط هذا الاختلاف بهدف تحقيق مآربها داخل القطر وتصفية حساباتها على مستوى المحيط الجغرافي.
ومن الأهمية بمكان أن تلتقي مختلف القوى الوطنية على الساحة من أجل تعزيز القواسم المشتركة بين الأطراف المتباينة والعمل على تقريب وجهات النظر.. والمساهمة في وضع حلول جذرية للمشكلات والتحديات القائمة بروح المسؤولية الوطنية، إذ تبدو الحاجة ماسة في هذا التوقيت سرعة التوصل إلى استكمال صيغة مشروع دستور الدولة الاتحادية والشروع في تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني إلى أرض الواقع، حيث تشكل هذه التسوية الإطار الذي سيمكن اليمنيين الخروج من بؤرة الصراعات والمماحكات التي ألقت بظلالها السلبية على الوطن منذ خمسة عقود ولا تزال ماثلة حتى اليوم.
وتبدو وسائل الإعلام المختلفة ورسالة المسجد - كذلك – على جانب كبير من الأهمية والأولوية ، خاصة في ظل الظروف الراهنة .. باعتبار أن هذه الوسائل تمثل أحد أعمدة التغيير ، شريطة أن تكون بمعزل عن الانحياز أو التعصب أو السلبية وأن ترتفع إلى مستوى تحديات التعصب المذهبي والطائفي .. وكل ذلك من أجل بناء اليمن الجديد وتحقيق تطلعات أبناء الشعب التي طال انتظارها.