لـم يعـد الحديث عن أهمية تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني ترفاً؛ وإنما أصبح ضرورة وطنية ملحّة؛ وذلك بالنظر إلى جملة من التحدّيات الخطيرة على مسار هذه التسوية وبالتالي على حاضر ومستقبل الوطن، خاصة أن التداعيات العسكرية مطلع رمضان الجاري في محافظة عمران وغيرها تمثّل أحد تجليات هذه المخاوف.
ولا شك أن القول بأهمية سرعة تنفيذ هذه المخرجات ينبع – كذلك – من الحاجة الوطنية الملحّة لإعادة ترتيب البيت اليمني من الداخل وفقاً للتوافقات الوطنية التي عكستها تلك المخرجات، فضلاً عن أن رهانات المجتمع الإقليمي والدولي تؤكّد أن خيارات اليمنيين الوحيدة هي في استكمال مسار التسوية التاريخية، وهي خيارات مطلوبة اليوم أكثر من الماضي اعتماداً على أنها لم تأتِ محظ صدفة وإنما مبنية على تقديرات موضوعية وأسس صحيحة.
وبالعودة إلى ردود الفعل الداخلية والخارجية تجاه عوامل وأسباب تعطيل مسار العملية السياسية؛ يمكن القول إن ثمة مساحة من التفاؤل لاتزال قائمة وممكنة شريطة مبادرة القوى السياسية على الساحة الوطنية بمختلف مكوّناتها وتوجُّهاتها للإعلان صراحة عن تجديد التمسُّك بالتوافقات الوطنية إزاء مجمل الإصلاحات ورفض كل محاولات عرقلة الجهود الحثيثة والمتواصلة التي تبذلها القيادة السياسية بزعامة الرئيس عبدربه منصور هادي في إطار مشروع وطني نهضوي شامل لإخراج اليمن من أسر تداعيات الأزمة وإعادة بناء اليمن الجديد على أسس ومعايير الحداثة والشراكة الوطنية.
والخـلاصـة هي أن الوفـاء بتلك الالتزامات والاستحقاقات الوطنية مرهونة – أيضاً – في جدية هذه المكوّنات والأطراف السياسية والحزبية للتعاطي مع جبهة محاولة تخريب مسار هذه العملية بمسؤولية وجدّية؛ وذلك من خلال تعزيز الاصطفاف الوطني، وفضح تلك المشاريع الصغيرة التي تهدف إلى تقويض حالة التوافق الداخلي وإفشال عملية الدعم الخارجي باعتبار أن هذه التجربة غير مسبوقة على مستوى المنطقة في مسار الانتقال السلمي للسلطة ودون كُلفة تُذكر.