التهديدات التي أطلقتها بعض عناصر الإرهاب والتكفير بشأن استهداف المواقع الآثارية والمدن التاريخية، ينبغي ألا تمر مرور الكرام باعتبارها تهديدات حقيقية يتطلب من الحكومة والنخب المجتمعية والمجـالس المحلية الاستنفار وأخـذ الاحترازات الاحتياطية للحيلولة دون وقوع هذه الكارثة.
في الواقع نحن في غنى عن هذا الخطر الداهم، إذ يكفي إننا خلال العقود المنصرمة أغفلنا الاهتمام بهذه المواقع وكادت بعض المدن التاريخية اليمنية أن تسقط من سجّـلات المنظمات الدولية المعنية بحماية هذه المدن، فضلاً عن الإهمال المتعمّد للمواقع والكنوز التاريخية وتعرّض عديد منها للسرقة والنهب والنبش دون رقيب أو حسيب وفي ظاهرة عبثية لا تنم مطلقاً عن إحساس بقيمة هذه الثروة الحضارية العظيمة.
وإزاء هـذه التهديدات، أتوقع من مجلس الوزراء الدعوة إلى عقد اجتماعي استثنائي لدراسة حقيقة هذه التهديدات من جهة وأخذ الاحتياطات الآمنة اللازمة من جهة ثانية.. واعتماد الخطط التطويرية والاحترازية للمواقع الآثارية وإعطائها الأولوية من الاهتمام والرعاية، فضـلاً عن تخصيص برامج التوعية بأهمية هذه الكنوز وغرسها في وجدان الناشئة وتخصيص الموارد اللزمة لإنجـاز هذه المهام باعتبارها مهام وطنية مُلحّة.
أما إذا تعاملت الجهات المختصة مع هذه التهديدات باعتماد أسلوب (أذن من طين وأخرى من عجين) فإن الكارثة لا محالة واقعة.. وعندها لا ينفع عض أصابع الندم.. أتحدث عن هذه الجزئية ومخاطر التهديدات الإرهابية على هذا المخزون الحضاري وذلك من أجل بحث الصيغ الكفيلة بتأمين هذه المواقع من التهديدات والتنظيمات التخريبية دون أن أغفل مسؤولية كافة النخب المجتمعية من أجل اقتلاع ظاهرة الإرهاب والتكفير من جذورها وذلك قبل أن يقع الفأس في الرأس، مالم فإن شبح هذا الخطر سيظل قائماً حتى إشعار آخر.. فهل تتجاوب هذه النخب ومعها الحكومة مع صدقية هذه التهديدات والتحرك منذ الآن قبل أن تجد نفسها في موقع الاتهام بأنها خذلت الناس في عدم قدرتها على اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب ..اللهم إني بلّغت.. اللهم فاشهد.