لم يبق للدولة من وجود قائم في الواقع, وخاصة في أمانة العاصمة, سوى الرمزية المتجسدة في رئاسة الجمهورية, وتحديداً في شخص الأخ المشير عبدربه منصور هادي, باعتباره رمز الشرعية الثورية لانتفاضة 2011م, والشرعية الشعبية في صناديق الانتخابات على رئاسته في 2012م, ثم الشرعية التوافقية على رئاسته في اتفاق السلم والشراكة الوطنية في 2014م.
إن هذه الرمزية المجسدة للدولة, وبما تمتلكه من شرعية كاملة ليس فقط لتمثيل الدولة, ولكن أيضاً لتمثيل هذه الدولة في العملية الانتقالية الجديدة, تقتضي الاعتراف بها والامتثال لسيادتها السياسية والادارية على الأرض والمواطنين, وتحديداً من قبل جماعة أنصار الله التي تفرض بقوتها المسلحة على الأرض وفي العاصمة واقعاً منفلتاً من الامتثال للدولة والالتزام بسلطتها.
وبموجب الحالة الراهنة وواقعها المشهود, تمتلك القوى السياسية الموقعة على اتفاق السلم والشراكة قوة سياسية قادرة على الدفاع عن رمزية الدولة الباقية رئاسة الجمهورية من خلال مسارعتها إلى موقف يحمي هذه الرمزية ويعمل على ضمان ممارستها للسلطة المناطة بها عبر المؤسسات ومهامها ذات الصلة بالإدارة والسيطرة الكاملة على مختلف الأوضاع.
وفي هذا السياق لابد أن تتوقف أولاً كل حملات التشكيك بشرعية الرئيس هادي, والهجوم اللفظي والسياسي على شرعيته وسلطته, ذلك من اجل وقف الأعمال التي تبرر ممارسات الخروج عن سلطة الرئاسة, والانتقاص من هذه السلطة في مجالات السيطرة والإدارة, ومهام الضبط والنظام, والألوية هنا لوقف كافة مظاهر غياب الدولة, ابتداءً بإ لغاء ما يسمى اللجان الشعبية واستبدالها فوراً بالأجهزة الرسمية للدولة.
ولعلي لن أبالغ هنا إذا قلت إن استمرار الوضع الراهن في العاصمة صنعاء, وبقاء اللجان الشعبية المسلحة , يقودنا جميعاً إلى لحظة انفراط العقد القائم وبصورة تنقلنا إلى فوضى مدمرة وخارج نطاق السيطرة على انهياراتها من قبل كل الأطراف, لأن هذه اللحظة إذا وصلنا اليها لا سمح الله تعني سقوط الرمزية الباقية للدولة مجسدة في رئيس الجمهورية ومشروطة بممارسة سلطاته في الواقع.
وأيا كانت مبررات أنصار الله في بقاء اللجان الشعبية المسلحة فإن هذه المبررات لا ترقى إلى درجة تمنح وجود ومهام هذه اللجان أي شرعية حتى باسم الثورة الشعبية, لأن هذه الثورة لم تلغ الدولة القائمة بل استندت اليها في شرعية حركتها وفي شرعية انجازها لأهداف الثورة في اتفاق السلم والشراكة, لهذا وجب البيان.
albadeel.c@gmail.com