مـع عطلـة عيد الأضحى المبارك عاشت مدينتا الحديدة وتعز إيقاع أزمة العشوائية المزمنة، حيث شكت الأولى من طفح المجاري في عـدد غير قليل من أحيائها واختلاطها بمياه الأمطار التي هطلت بغزارة خلال أيام العيد وأدّت إلى عزل عديد منها وأصبحت أشبه بالجزر المتناثرة..!!.
أما مدينة تعـز فهي الأخرى عاشت خلال عطلت العيد أزمه اختناق مروري غير مسبوق جرّاء عشوائية التخطيط وضيق واختناق شوارعهـا فضـلاً عن تكدس أكوام القمامة، ومما فاقم هـذه الأزمة في «عاصمة الثقافة» هو وصول أعداد كبيرة من الزائرين إليها خلال عطلة العيد.
لقد كشف النمو السكاني المتزايد ثقوباً كبيرة في التخطيط العمراني، سواء في هاتين المدينتين أم في غيرهما من المدن اليمنية التي تعتبر العشوائية فيها سيدة الموقف بامتياز، إذ تغيب فيها المخطّطات الحضرية والمتنفسات العامة من الحدائق ومواقف السيارات جرّاء ازدهار سوق الأراضي واستحواذ القوى النافذة على تلك المخطّطات والعمل على تغيير معالمها بهدف المرابحـة من خلال الاستحواذ على الأراضي والمواقع المهمّة في تلك المخطّطات.
ودون شك فإن هذه العشوائية السائدة ترمي بتبعاتها السلبية على الاختناقات السكانية والمرورية، فضلاً عن مشكلات البيئة والصحة؛ الأمر الذي يتطلّب وضع معالجات جذرية لمجمل تلك المشكلات.
والخلاصة فإن استفحال مظاهر العشوائية هي الطاغية على مظهر المدن اليمنية دون استثناء مع الأسف الشديد، وهو ما يستوجب مراجعة شاملة للمخطّطات العمرانية والعمل على توفير الإمكانات المتاحـة، سواء لجهة إعادة تأهيل هذه المدن أم لتوسيع الاستثمار الحكومي أو الخاص في بنية الخدمات الأساسية فضلاً عن تأمين الظروف الملائمة لمحاصرة تبعات التبدلات المناخية وحالات الطوارئ والأزمات والكوارث البشرية والطبية على حد سواء.
فهل من وقفة جادة مع هذه العشوائية الضاربة أطنابها في كل اتجاه ومكان..؟!.