إن كل استراتيجيات التنمية وفي مقدّمتها استراتيجية التخفيف من الفقر، واستراتيجيات مكافحة الإرهاب، واستراتيجيات الأمومة والطفولة؛ لا يمكن أن تحقّق أهدافها ما لم يتم تحديث وتفعيل استراتيجيات وبرامج الإعلام والاتصال والتثقيف السكاني؛ بما يحقّق التكامل والعمل المشترك بين مختلف أجهزة ومؤسسات الإعلام الحكومية والخاصة والحزبية ومنظمات المجتمع المدني، بحيث يعمل كل من موقعه وبتنسيق محكم وبروح الفريق الواحد وفق موجهات إعلامية موحّدة يشارك في صياغتها الجميع، ويقرّها المجلس الوطني للسكان برئاسة رئيس الوزراء وعضوية الوزراء في الجهات المعنية.
ذلك أن الدور الجديد للإعلام في مناصرة القضايا السكانية يتطلّب تجديد الوسائل والآليات المتبعة لكل شركاء القضية السكانية لا لنبدأ مرحلة جديدة في ميدان مناصرة قضايا السكان فحسب، ولكن ـ أيضاً ـ لنقيم ما تم تنفيذه من قرارات وتوصيات المؤتمر الوطني الرابع للسياسات السكانية الذي انعقد في منتصف شهر ديسمبر عام 2007م، فمنذ ذلك التاريخ مرّت سبع سنوات ومعدل النمو السكاني رقم لم يتغير؛ وكذلك معدل الخصوبة، إلى جانب إشكاليات كثيرة ومعقّدة هي جزء من موروثات وتركيبة مجتمعنا، ومن أهم تلك الإشكاليات ظاهرة الزواج المبكّر، محدودية دور البرامج المعنية بتنظيم الأسرة وضعف آليات التنسيق فيما بينها، وكذلك تنامي وتوسع زراعة وتعاطي شجرة القات.
لقد أخذتنا السياسة والأزمات السياسية وأحداث الاقتتال والإرهاب التي انشغل بها الجميع على حساب قضايا التنمية، مرّت بلادنا بظروف استثنائية غاية في الخطورة؛ إلا أنها بفضل الحكماء والشرفاء من القيادات الوطنية، وبتعاون المجتمع الدولي والإقليمي تواصل العبور إلى بر الأمان، حيث تمكّنت من تجاوز الكثير من الإعاقات والمعوّقات، وتصحيح المسارات نحو بناء يمن اتحادي جديد.
غير أن تلك الأزمات والأحداث قد أدّت إلى تعثُّر العديد من المشاريع التنموية ومن ضمنها تعثُّر استكمال تنفيذ عملية الإحصاء للمساكن والسكان التي كان من المفترض أن تقدم بيانات، إحصائيات، مؤشرات جديدة كمدخلات لرسم سياسات واستراتيجيات سكانية جديدة، وبالتالي تجديد وتحديث الخطاب والبرامج الإعلامية والإرشادية المتعلّقة بالسكان.
وهكذا تظل القضية السكانية من أبرز التحدّيات التي تواجه الحكومة، وتتصدّر أولويات الدور التنموي للدولة في خدمة الشعب والوطن الذي تتمكّن فيه المؤسّسات من تنشيط وتفعيل عملية دمج السياسات السكانية ضمن استراتيجيات التنمية على المستويين المركزي والمحلي.
Unis2s@rocketmail.com