عندما تفشل لغة الحوار تبدأ لغة المدفعية والبندقية والصاروخ.. وهذا ما حدث بالفعل.. فقد كان ولا يزال حواراً فاشلاً بأدوات فاشلة وآليات ولدت ولازالت تولد الفشل الذي يستمد مقوماته من ممثلين طال تواجدهم على خشبة المسرح في سبات عميق نسوا أو تناسوا السيناريو المرسوم لهم، ومعهم مخرج فاشل هو الآخر.
إذن البندقية سواء بيد ما يسمى بـ« اللجان الشعبية» أو ما تبقى من قوات مسلحة هي التي تتحرك الآن في شوارع العاصمة الاقتصادية والتجارية عدن التي كان من المفترض أنها الأكثر أمناً واستقراراً، وأنها المنطقة الحرة، والميناء الحيوي النابض لليمن، لتنضم إلى غيرها من مناطق الصراع المسلح.. وهذا يعني أن الحرب طالما بدأت فلن تستثني أحداً.
الصراع على السلطة انتقل من حالة التداول السلمي عبر صناديق الاقتراع إلى صناديق الذخيرة الحية، والبحث عن حلفاء في الداخل والخارج لصنع النصر.. والضحايا هم يمنيون، والدماء يمنية.. لن تكون عملية جراحية سريعة كما قد يتوقع البعض ذلك أنها معركة تخفي تراكمات سنين من مشاعر الحقد، والظلم، والشعور بالتهميش، والبحث مجدداً عن طريق لتقرير مصير لن يتقرر كما يتصورون، فالمصير مشترك، والهم واحد هو غياب الدولة، كلما اقتربنا من ذلك الحلم الذي نشتهيه، ونبتغيه (الدولة) كشرت موروثات التخلف، والجهل، والمرض عن أنيابها لتعيد اليمنيين إلى حالة الارتباك بعيداً عن الهدف.. فيعود الجميع إلى النوم لا ليحلمون بوطن، أو دولة، ولكن ليواصلوا كابوسهم المرعب في دهاليز موميات الماضي، وديناصورات القدر المحتوم، الموزع بين جماجم فئران هدمت سد مأرب، وفئران تهدم تطلعات اليمنيين في المستقبل الأفضل.
إذن علينا أن نخرج من هذا الكابوس الذي يغتال كل يوم علماً من أعلام اليمن، ويغتال معه الحلم في بناء الدولة المدنية الحديثة، علينا أن نغادر صمتنا، أن نتوزع مجدداً على خارطة الوطن لا لنهيكله فقد أنهكته الهيكلة، وأنهكت السواد الأعظم من الشعب، ولكن لنعيد ترتيب أبجدياته بعيداً عن الاستغراق في ملفات الماضي، أو تصفية الحسابات، أو القرارات الانفعالية.
Unis2s@rocketmail.com