في الوقت الذي لا ينبغي فيه أن نقلل من خطورة الأوضاع التي ترتبت على تطورات أحداث 21 سبتمبر من العام المنصرم حتى توجت باستقالة المؤسستين الرئاسية والتنفيذية فإنه يجب ألاّ تنعدم محاولـة البحث عن الحلـول في اتجاه الدفع بمنع خيارات عسكرة الحياة المدنية والعمل سريعاً على إحياء مبدأ الشراكة السياسية والتوصل إلى خطوات عملية بهدف تطبيع الحياة السياسية وتطمين الداخل والخارج على حد سـواء بأن اليمنيين أقدر في هذه اللحظات الحرجة والاستثنائية على تجاوز هذا المنحدر الخطير وإعادة تموضع المسار السياسي في الوجهة التي تضمن تنفيذ مخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة دون انتقاص أو استثناء.
وإذا كان البعض يعتبر هذا الطرح يأتي في غير سياقه الموضوعي مع خطورة تطورات هذه الأحداث وبخاصة في جوانب تداعياتها وفي الإطار الذي يمكن أن تتركه كذلك على وحدة النسيج المجتمعي وبروز خيارات إحياء مشاريع التقسيم والتفتت والتشطير ومحاولة إقامة مشاريع الكانتونات.. وهو أمر – بهذا القدر من الخطورة – لا يمكن القفز عليه أو تجاوزه تحت مشاعـر الاستعلاء بالنصر أو القوة.
ولا شك بأن هذا التعاطي الإيجابي والمسؤول مع الحالة الراهنة سوف يقود بالنتيجة إلى تأمين مناخات الاستقرار وعدم الذهاب إلى خيارات مفجعة ومؤلمة وبما يحفظ القدرات والإمكانات في معركة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة عوضاً عن التهام هذه القدرات في أتون نار الاحتراب.
وإزاء ذلـك من الطبيعي أن يراهن الجميع على إمكانية عودة العقـل والعودة سريعاً إلى إحياء العملية السياسية وبخاصة بعد أن تكون الأطراف الفاعلة في الأزمة قـد تمكنت من إعـادة ترتيب أولويات المرحلة وبما من شأنه الحفاظ على ما تبقى من دستورية المؤسسات القائمة مع المكونات السياسية في اعتماد خيارات ديموقراطية، سواء في إطار الضغط على المؤسستين الرئاسية والتنفيذية للعدول عن الاستقالة – وهو الأهم والملح في هذه اللحظة الاستثنائية – أو المضي في الترتيبات الدستورية التي تضمن انتقالاً سلساً وسلمياً للسلطة وبما يجنب الوطن الدخول في أتون صراعات مدمرة لن تكون في مصلحة أحد، بل وستقود الوطن إلى كارثة محققة.