ثمة ما يستدعي التنبيه إلى مخاطرالتلويح بورقة الفوضى وبخاصة في ظل تطورات الأوضاع الأمنية الراهنة في الوطن ومنها – بالطبع – مساعي البعض لزرع الفوضى في الشارع اليمني والرد المعاكس لتحشيد هذا الشارع ونزول المواطنين إلى الساحات حتى وإن كان ذلك مبرراً ويمتلك من المعطيات الموضوعية لنزولها إلى الشارع للتعبير عن قناعاتها تجاه المنحى الخطير الذي تعبر عنه مترتبات المشهد السياسي الراهن.
في تصوري المتواضع فإنه بدلاً من تحشيد الشارع، ضرورة تكثيف جهود القوى السياسية في اتجاه إيجاد مخارج لمحاصرة تداعيات هذه الأوضاع والتي تستبد بالمشهد اليمني الراهن وذلك من خلال تلمس المعالجات الناجعة والبحث في صيغ تعالج الاحتقان القائم وبما من شأنه إعادة تطبيع الأوضاع التي نجمت عن مترتبات تدهور الوضع في جوانبه المتعددة ومنها على نحو التحديد استقالة الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومة الكفاءات برئاسة خالد محفوظ بحاح وغيرها من تلك التداعيات الخطيرة على استقرار وأمن ووحدة الوطن.
وإذا كان طبيعياً أن يكون الشارع أحد أوراق الضغط على الأطراف أو أحدها للعودة إلى مسارات العملية السياسية والقائمة على الإجماع الوطني التي جسدته التوافقات على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني واتفاقية السلم والشراكة.
على هذا المستوى من المسؤولية فإنه لا ينبغي وطنياً إقحام الشارع في معركة غير محسوبة النتائج، خاصة أن الأطراف المعنية بالتفاوض لم تستنفد بعد الحلول لتسوية الملعب مجدداً، الأمر الذي يقتضي إتاحة المزيد من الفرص لتحقيق نتائج ملموسة على جبهة الحوار مهما كانت التحديات والضغوط لعرقلة هذه الجهود.
وبالمناسبة، لابد من التنويه بتلك المبادرات التي تتبناها القوى السياسية على الساحة في إطار البحث الجدي عن خيارات بديلة وبحيث لا تؤدي تداعياتها إلى تفاقم الأوضاع والضغط على الطرف المعني للتنازل عن مواقفه المتشددة، خاصة وأن الوطن يتهدده شبح الاحتراب والتفتت، لذلك تبدو الضرورة ملحة للتنبيه مجدداً بأن التلويح باستخدام الفوضى في هذه الآونة تحمل في طياتها مشروع مغامرة يخشى معها المرء أن تفقد البوصلة اتجاهها ويذهب الجميع إلى صدام لا يحمد عقباه.