الفنان الفرنسي الموصوف بكبير الرومانتيكيين التشكيليين عاش في الفترة ما بين 1798 وحتى 1863 ليشهد بزوغ قرن جديد, وأُفول قرن سابق، وليتمرّغ في زمن العاديات التي ترافقت مع الثورة البرجوازية الماركانتيلية القاسية، مما يُمكن رصد أبعادها على سحنته وتعبيرات وجهه في متواليتي «بورتريت ذاتي» لنفسه وهو مازال في عهد الصبا والشباب، وأُخرى فوتوغرافية التقطت له وهو في خواتم أيامه السبعينية.
لوحات ديلاكروا لا تعبّر عن مرارة الصراع بين الكائنات مما يلتبس بعهود البشر أيضاً، بل تضعنا في معادلة الخط الضابط للإيقاع التصويري الذي كان الفنان يعتبره أساس الأُسس في التصوير.
كل امتداد أو التواء للخطوط تعبير عن قوة الخيار الفني, حيث لا مجال للحلول الوسط، وكل لون يتموْسق في أساس التكوين تعبير عن فضاءات مفتوحة للخيال والتخييل.
قوة البناء، ووحدة الموضوع يتماوجان في أساس وتضاعيف المكان عند ديلاكروا، فإذا بالرائين للمشهد يتكاملون في تميمة التنوُّع، فالرجل ينظر للعاصفة، فيما المرأة المتطلعة إلى يقين مداها الجواني لا تخاف من عاديات الأيام.
تميز ديلاكروا بقوة التعبير اللوني الذي يسطع حد التماهي مع قوة الضياء، ولهذا كانت له في النظرية اللونية أقدام وروافع.
التعبير عن النزعة الافتراسية عند ديلاكروا موازٍ مؤكد لما يتجاوز الافتراس الغرائزي المحكوم بالحاجة، كما يفعل الأسد وهو يلتهم أرنباً ناعماً رقيقاً.
الإشارة هنا تطال الزمان وتقلباته، وتؤشر لما يتجاوز الضرورة، وربما لهذا السبب أراد ديلاكروا أن يُباشر الافتراسيين البشريين ممن حوّلوا باريس القرن الثامن عشر إلى نخبة شريرة مُستأسدة، وقطيع كبير من الممْسُوسين بالاستعباد المنظم.
Omaraziz105@gmail.com