كلما أطال اليمنيون أمد حل أزمتهم بالوسائل الحضارية كلما ازدادت حالة التجاذبات الداخلية والتي تحاول بعض الأطراف الخارجية إذكاء سعيرها ودون إدراك لمخاطر ومترتبات هذا المنحى المخيف على حاضر ومستقبل اليمن والمنطقة برُمّتها.
وثمة تجاذبات لا تقتصر على الداخل اليمني وإنما تمتد أدواتها وتأثيراتها إلى الخارج في كل شأن، خاصة وأن المحيط الإقليمي والدولي يتحركان من أجل تأمين مصالح دولهما وتحديداً بعد الأحداث والتطورات التي أعقبت 21 سبتمبر الماضي، حيث يمكن أن يقال إنها قلبت الطاولة رأساً على عقب!
وليس من باب المبالغة القول إن هذا البلد يعيش – راهناً - في مستنقع هذه التجاذبات التي لم تعد خافية على أحد وبحيث باتت فيها هذه الأطراف تتحرّك بوضوح وأريحية في إطار جرّ اليمنيين إلى مربّع الاحتراب الأهلي.
وفي هذا الصدد ،يبقى التساؤل قائماً أمام النخب السياسية والمكونات المجتمعية عمّا إذا كان الجميع يصمّ آذانه عن سماع أصوات معاول الهدم والتفتيت والاحتراب تقترب رويداً رويدا وتنذر بوضع كارثي غير مسبوق ودون إدراك لمخاطر هذه التدخّلات.
ولا شك في أن التساؤل سوف يظل مُلحّاً كذلك عن قدرة هذه النخب في تحمل مسؤولياتها الوطنية والأخلاقية، وعلى نحو يجنّب التجربة مخاطر تلك التداعيات والتجاذبات، وبما من شأنه إبقاء اليمن بمنأى عن شبح مجهول هذه الخيارات المريرة التي يتسابق فيها الجميع في اتجاه مصالحهم دون إدراك لمخاطر الكارثة التي ستؤول إليها الأوضاع وبخاصة في ظل اشتداد حالة الاستقطاب الداخلي والخارجي على حد سواء.
ومما يزيد الطين بلة – كما يُقال - هو أن جميع الأفرقاء يسيرون قُدماً باتجاه تكرار واستنساخ المشهد الدموي القائم في سورية والعراق وليبيا مع الأسف الشديد.. في الوقت الذي كان الجميع فيه يتطلّع إلى هذه النخب بأن تحتكم إلى لغة العقل ومنطق الحكمة وبالتالي العودة إلى طاولة المباحثات من أجل وضع المعالجات الممكنة لحالة الانقسام الحاد الذي يهيئ الأرضية – دون شك - أمام حالة التجاذبات والتدخلات الخطيرة التي تتهدد اليمن أرضاً وإنساناً.