< مرت بمجموعة من الشباب، وهم يتجاذبون الحديث فيما بينهم بأسلوب فيه حدة ومهاترات، وشجارات شفوية.. فأنصت إليهم وإذ بهم يتبادلون التهم ضد بعض في مسائل، وانتماءات مذهبية، وكل يعتقد أن الآخر في النار لأنهم كفرة.. مع إني على ثقة ومن خلال معرفتي عن بعد لهؤلاء الشباب ليس لهم انتماءات عقائدية، ومعظمهم إن لم يكن جميعهم غير ملتزم دينياً، بل إني حين أمر بهم يومياً أسمعهم يتبادلون فيما بينهم شتائم حين أسمعها يقشعر بدني، واستغرب أنهم يتهاترون ويتشاجرون فيما بينهم شفوياً حول الانتماءات المذهبية الطائفية.. دون أن يكون لهم خلفيات دينية كافية لتحديد مواقف، لكن ما يحدث بينهم أحياناً هو نتاج للصراعات السياسية التي تلبس عباءات دينية مذهبية، والتي تبثها وسائل الإعلام التابعة لكل طرف أو حسب ما يلتقطونه من عناصر، وأتباع أصحاب هذا المذهب، أو ذاك.. فيلتقطونها ويتبادلونها فيما بينهم مع أنهم لا يحملون “أقصد الشباب الذين مررت بهم” أي خلفية دينية، أو مذهبية كل وحسب المذهب الذي يتعصب له هكذا تطوعاً، ودون حتى انتماء إلى هذا المذهب أو ذاك، وهو ما يدفع إلى التحذير، والخوف من أن يكون هؤلاء فرائس سهلة للمتعصبين، وكذا المتشددين فيوقعونهم في حبائلهم، كما أوقعوا مثلهم من قبل وأعدوهم إعداداً ملؤه الحقد والكراهية ضد الآخرين.. ثم يوجهونهم كالآلات نحو ارتكاب جرائم إرهابية ضد خصومهم، وضد الأمن والاستقرار والسلام في البلاد كما هو الحال اليوم.
< وأعود إلى ما بدأت به العمود حول المجموعة التي مررت بها، وهم يتبادلون التكفير، ويظنون ببعضهم أنهم في النار، وكل يعتبر دم الآخر مباحاً.. وهكذا.. حسب ما سمعوا من عناصر، أو من إعلام، وخطابات الجماعات المذهبية المتشددة والمتعصبة والتي تكفر بعضهم البعض، وكلها تكفر الآخرين.. طبعاً اقتربت من الشباب، وقلت يا شباب جميعكم مسلمون أبناء مسلمين قالوا نعم.. فقلت لهم الإسلام هو الأصل، والإسلام هو القرآن والسنة المحمدية.. وربنا وإلهنا واحد هو الله، الذي يدعونا إلى المحبة فيما بيننا، والتراحم، والتكافل، والإخاء، وحرم علينا العدوان على بعض، أو قتل بعض، وقال لنا أفشوا السلام بينكم، وتوحدوا ضد أعدائكم، وواصلت الحديث معهم وما دمتم جميعاً تشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فلا يجوز تكفيركم لبعض، قد يكون هناك اختلاف في المذاهب في الفروع، فهذا لا يصح أن يأخذكم إلى عداء وتكفير وقتل بعض مادمتم على الأصول في الإسلام موحدين.. ومن يدعوكم إلى غير ذلك فهو داعية لفتنة كائناً من كان، وأياً كان مذهبه فلا تتبعوه، لأن من يدعو إلى ما يثير الفتنة بين أبناء الإسلام إنما يقوم بما يؤدي إلى تدمير المسلمين ببعضهم، وهذا يخدم أعداء الإسلام والمسلمين، وختمت حديثي إليهم بتحذيرهم ممن يدعون إلى ما يثير الفتنة بينهم مهما كانت مبرراته، لأن الله قد ذم الفتنة، ولعن من يوقظ الفتن بين أبناء الأمة، لأن الفتن تقتل الأمم وتدمرها، فاحذروا .. احذروا.