بعد أن اتضحت أمام اليمنيين معالم الحل والتسوية, يبقى التحدي الأكبر و المهم أمام النخب السياسية خلال مرحلة ما بعد مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل هو العمل سوياً و معاً إلى جانب قيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي و البدء مباشرة في تنفيذ تلك الاجراءات ذات الصلة بإعادة هيكلة المؤسسة التنفيذية, فضلاً عـن تلك الخطوات المرتبطة بإعداد وثيقة مشروع الدستور الجديد ومن ثـم إنزاله للاستفتاء عليه, قبل أن تأخذ مخرجات مؤتمر الحوار - ومنها مسألة تقسيم الأقاليم - مجرى تحوّلها من نصوص إلى وقائع عملية على الأرض.. وهكذا يكون شرط نجاح الأفرقاء ملزماً في التوصل إلى هذه التسوية السياسية التاريخيـة.. وهو أمر مرهون أيضاً بأن يأخذ التوافق سياقاً جديداً في إطار المرحلة الثانية من الفترة الانتقالية, إذ تتعزّز القناعة بقدرة اليمنيين على استكمـال هـذا الإنجاز الحضاري غير المسبوق.. وقـدرتهم كذلك على استلهام تلك الدروس المأساوية التي وقعت فيها بعض تجارب ثورات الربيع العربي, والتي لايزال بعضها غارقاً في الدماء حتى اليوم!.
وفي هذا الصدد, لسنا بحاجة إلى التذكير بالتقدير العالي الذي لقية اليمنييون وهم يحتكمون إلى لغة العقل في التوصل إلى هذه التسوية سلمياً, فقد كانت الأسرة الإقليمية والمجتمع الدولي - ولا يزالان - يعتبران هذا الخيار السلمي الذي اختطه اليمنيون بمثابة درس يُحتذى.
إذ كان الموقف الدولي إزاء القضية اليمنية إيجابياً ولم يشهد انقساماً حاداً كما هي الحالة تجاه سورية على سبيل المثال، خاصة وهم يجمعون على تثمين ما توصل الية مؤتمر الحوار الوطني الشامل .. ويؤكدون في ذات الوقت استمرار الدعم لمسيرة التسوية السياسية والتنمية في آنٍ واحد من أجل استقرار اليمن والذي يمثّل كذلك ضمانة لأمن و استقر المنطقة والعالم ككل.
بقي التأكيد مجدداً أن تستوعب النخب السياسية هذه اللحظة التاريخية بالاستفادة منها حيث ضرورة أن تلتقي الإرادات والاجتهادات لما يخدم مصلحة الوطن وذلك من خلال البدء في تأمين الظروف الملائمة وتعزيز حالة التوافق لتحقيق إقامة منظومـة الحكم الجديد.
وحسناً أن تلتئم لجنة البت في أقاليم الدولة الاتحادية وذلك في اطار خطوات ما بعد مؤتمر الحوار تأكيداً إضافياً على جدية المرحلة والمسؤولية التاريخية التي تتحملها جميع الأطراف على طريق ترجمة مخرجات مؤتمر الحوار.