تعمد مؤسسات الدولة والنخب الحاكمة فيها إلى اعتماد الشفافية والعلنية تجاه ما يعتمل في المجتمع وبخاصة عند الملمّات والتحوّلات وأعني هنا ما يجري من أحاديث عن مشاورات داخل أطراف الحكومة وخارجها بشأن تشكيل الحكومة الجديدة في ظل الاستحقاقات المستقبلية وبخاصة الآن بعد اختتام فعاليات مؤتمر الحوار الوطني الذي ركّز - ضمن مهامه – على خطوات المرحلة المقبلة.. ومنها تشكيل هذه الحكومة التي ستتحمل عبء ترجمة هذه المخرجات خلال الفترة الثانية من المرحلة الانتقالية.
في تصـوّري المتواضع، لا يوجـد ما يمنع من أن تسـارع الجهات المعنيـة إلى وضع الرأي العام المحلي أمام طبيعة هذه المشاورات التي تجري في تكتّم شديد وتستهدف التوصل إلى صيغة توافقية بشأن قوام هذه الحكومة ،حتى وإن كانت هذه المشاورات في مراحلها الأولى ،الأمر الذي سيعطي انطباعاً طيباً لدى الداخل اليمني بأن ثمة تغيرات جذرية في تفكير مؤسسات الدولة إزاء اعتماد مبدأ الشفافية عند التعامل مع مختلف قضايا الوطن وإدارة شؤون البلاد.
وفي ظل الإعلام الحر ومواقف بعض القوى السياسية، فإن مثل هذه التفاعلات لابد وأن تظهر إلى السطح، سواءً في إطار حيثية تشكيل الحكومة أو في غيرها من القضايا والموضوعات ذات الصلة بطبيعة وشكل التحالفات السياسية تجاه مختلف تلك القضايا.
وأعرف –كما هو حال الآخرين – إنه وحتى الآن لم تُتخذ الخطوات الدستورية لتسمية رئيس وأعضاء هذه الحكومة، لكنني أعرف – وغيري - إن المشاورات جارية تجاه هذه الخطوة التي يبدو أنها تبلورت في اتجاهين:
* الأول يدور حول إبقاء رئيس الحكومة الراهنة والاكتفاء بإجراء تعديلات في قوام هذه الحكومة، مقابل التمديد لمجلس النواب بهيئة رئاسته القائمة.
* أما الاتجاه الآخر فيتبنّى تشكيل حكومة جديدة، معلّلين ذلك بعجزها في أداء مهـامها وتحمُّـل مسئوليات المرحلـة المنصرمة، فضلاً عن عديد الأطروحات في هـذا السياق.
إن التساؤلات الملحّة التي تدور في أذهان العديد من المواطنين والمراقبين على حد سواء عن أسباب ومبرّرات غياب العلنية تجاه هذه المشاورات حتى وإن كانت لا تزال في بدايتها أو إطلاع الجمهور بأن ما يدور حول هذه المشاورات غير صحيح البتـة.. فهـل في اعتمـاد الشفافية والعلنية أيّ عيب؟!