|
|
|
|
|
جوزيه أوركاديو بوينديا
بقلم/ دكتور/د.عمر عبد العزيز
نشر منذ: 10 سنوات و 7 أشهر و 10 أيام الخميس 24 إبريل-نيسان 2014 07:52 ص
مكتشف ماكوندو التي ابتكرها جابرييل جارسيا ماركيز، الواضع لبدايات مصيرها، المهجوس بالبرهان حد الجنون، الباحث عن الحقيقة المجردة عبر عدسات الكاميرا الفوتوغرافية، المناجز لرجال الدين، الرافض للتجريد حد عبادة التجسيم، المقيم في معمل أنابيبه البدائية المختبرية، الباحث عن «حجر فلسفي» لا وجود له، المقيّد بحبل ثقيل على شجرة في دارة المنزل كمجنون اعتيادي، والذي يموت بعد أن يعتلي به ماركيز في نص نادر المثال.
يقول ماركيز: وصل «بريدينسو أجويلار» قال لأورسولا «زوجة جوزيه»: جئت لأحضر دفن الملك، بعدها دخلوا على جوزيه، صاحوا في أذنيه، ووضعوا مرآة أمام منخريه، فما استطاعوا أن يوقظوه، في الفجر همّت السماء بوابل من أزهار صفراء لتغطّي السائمة النائمة في العراء، وكان عليهم أن يأخذوا الرفوف والمناجل ليفسحوا الدرب لجنازة جوزيه أوركاديو بوينديا.
العقيد أورليانو بوينديا هو ابن جوزيه الذي خاض 33 معركة، ليجد نفسه أمام فصيل الإعدام مع استهلال ملحمة ماركيز الروائية، وليعود بالذاكرة إلى عصر ذلك اليوم البعيد الذي اصطحبه فيها أبوه ليكتشف الثلج، أورليانو لن يُعدم، ولكنه سيعيش مديداً، ليتحوّل في رواية تالية إلى ذلك الكولونيل الذي ينتظر راتب التقاعد لسنوات طويلة، في رائعة أخرى لماركيز بعنوان «ليس لدى الكولونيل من يكاتبه» ذلك المحارب القديم الذي يختزل صموده في تربية ديك مصارعة، والمراهنة عليه حتى ولو مات جوعاً.
اورسولا زوجة جوزيه أوركاديو بوينديا التي ما خلعت حزام العفة الحديدي إلا بعد أن أثبت زوجها جوزيه رجولته بقتله الهندي بريدينسو اجويلار، وبعد ذلك أنجبت رتلاً من الأبناء الحائرين المتطيرين، لتباشر زمنها الخاص في ماكوندو، ولتشهد دفن “الملك جوزيه” بعد أن عاد المقتول بريدينسو ليخبرها بموت قاتله جوزيه، قال الروائي: رأته أمامها في دارة المنزل، كان بريدينسو اجويلار، قال لها: جئت أحضر دفن الملك..!!. في تلك اللحظة بالذات تأكدوا من موت جوزيه اوركاديو بوينديا.
الراهب نيكيانورالممثّل الرسمي للكنيسة، المكلف بإعادة المجانين إلى صحوهم، تكفَّل بمراجعة جوزيه، ونصحه وإبعاده عن طريق الهرطقة والتساؤلات والحيرة، فلما ناقش المربوط المجنون تحت شجرة الكستناء، كانت حجة جوزيه أقوى من حجج الراهب الميتافيزيقية، وكانت منصة الحجة المنطقية لجوزيه المربوط بوصفه مجنوناً اعتيادياً، رقعة الشطرنج التي يلعب عليها متخاصمان توافقا على قواعد مشتركة، قال للراهب نيكيانور: أية معركة هذه، تلك التي يتوافق فيها الخصمان على قواعد الحرب..؟!.
Omaraziz105@gmail.com |
|
|
|
|
|
|
|