هل هي استعادة وامضة لصراع مديد كان ومازال حاضراً..؟!
ما مدى تأثير الموروثات القومية الدينية على السياسات العامة في واشنطن وموسكو ولندن، وغيرها من عواصم القرار الاستراتيجي في العالم المعاصر..؟!.
للوقوف على ملامح الإجابة؛ لا بأس من استقراء الحالة الأوكرانية لكونها تمثّل لحظة تصادم خطير بين تشكُّلات الموروث الاستيهامي المتناقض مع مصلحة الأوكرانيين ومستقبلهم، وتنذر بامتدادات أوروبية كتلك التي رأيناها في حرب البلقان، مع فارق جوهري تمثَّل في الضعف الهيكلي الروسي على عهد الراحل “يلتسن” وهو أمر ينعدم اليوم في ظل قيادة «القيصر» بوتين الباحث عن استعادة مجد روسيا الغابر، والقادر على مقارعة التحالف الأنجلوسكسوني الدولي، من خلال تحالف جديد يتخلَّق في أحشاء “الدب الروسي” و“التنين” الصيني.
وبالمقابل يحاذر ورثة اللاتينية الكاثوليكية من الوقوع في مصيدة الصراع السلافي الإنجيلكاني؛ لشعورهم بالمسافة التي تصل وتفصل بينهم وبين التحالف البروتستانتي الإنجيلكاني المسيّج بالروح الأنجلوسكسونية من جهة، والتحالف السلافي الأرثوذوكسي المُدجّج بالحراب القومية من جهة أخرى.
وبهذا المعنى تتحوّل فرنسا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال إلى معادل منطقي حكيم للصراع المستتر بين قطبي الشرق والغرب، وتحديداً روسيا والولايات المتحدة؛ ذلك ما تجلَّى واضحاً بعيد انهيار الاتحاد السوفيتي، حينما تبنَّت فرنسا ومعها الصين، مشروع عالم جديد متعدّد الأقطاب، كما يظهر الآن من خلال ارتباك المواقف الأوروبية تجاه ما يجري في منطقة القرم؛ ذلك الفرز الذي كان قبل حين يعيد إنتاج نفسه اليوم من خلال التضبُّب في الموقف الأوروبي، بمقابل الحيرة الأمريكية، وثبات الموقفين الروسي والصيني، وكأن التاريخ يعيد إنتاج نفسه، فمن تجرّع كأس المرارات قبل حين يسقيها الآن لمن تمتّعوا بالظفر الواهم.
Omaraziz105@gmail.com