• قبل أيام بدأ العام الدراسي الجديد، وكل الآمال أن يكون عاماً دراسياً أفضل، بالنظر إلى تأكيدات القائمين على العملية التربوية والتعليمية بأنه تم اتخاذ كل الاستعدادات والتحضيرات لعام دراسي بلا منغّصات، وإن كانت هذه التصريحات تُقال نفسها قبل انطلاق كل عام دراسي، ومع ذلك تظل تتكرّر نفس الاختلالات والإشكالات التعليمية، لكن نتمنّى فعلاً أن يشذ العام الدراسي الجديد عن سابقيه وتتخلّص العملية التعليمية من بعض منغصاتها المزمنة.
• لا أحد ينكر أن العملية التربوية والتعليمية تعاني جملة من الاختلالات والإشكالات التي لا تزال كما هي منذ سنوات ترافق سير العملية التعليمية في كل عام دراسي؛ وتتمثّل في غياب الكتاب المدرسي ونقص الكادر التدريسي وعدم توفر المباني الكافية لاستيعاب أعداد الطلاب المتزايدة كل عام، وضعف الجانب التعليمي التطبيقي، وغياب الأنشطة المدرسية، ودخول السياسة وصراعاتها إلى أروقة المنشآت التربوية والتعليمية، وهي اختلالات لعبت - ولاتزال - دوراً كبيراً في الوصول بالتعليم إلى الوضع المتردّي والمتدنّي الذي يعيشه الآن.
• صحيح أن الوضع السيئ الذي يعيشه التعليم في بلادنا هو نتيجة أخطاء تراكمية تمتد إلى عقود من الزمن، وأن عملية إصلاح العملية التربوية والتعليمية لن تتم بين ليلة وضحاها؛ بل تتطلب الكثير من الجهد والوقت، لكن حتى الآن لم نلمس أي إجراءات فعلية لانتشال التعليم من وضعه السيئ بالقضاء على الاختلالات التي يعاني منها.
• ليس مطلوباً من القائمين على العملية التربوية والتعليمية القضاء على كل السلبيات دفعة واحدة؛ بل أن يتم الأمر تدريجياً، كأن نخصّص كل عام دراسي لمعالجة واحدة أو اثنتين من السلبيات الكثيرة التي يعانيها التعليم، وسنجد أنفسنا بعد سنوات وقد تخلّصنا من كل ما يعانيه التعليم من اختلالات، وأوجدنا بيئة سليمة وصحية لتعليم جاد ونافع وذي فائدة للفرد والمجتمع.
• من البدهي جداً أن تسير العملية التعليمية وفق برنامج زمني يحدّد موعد انطلاق العام الدراسي باليوم والتاريخ؛ وكذلك اختتامه ومواعيد إجراء الامتحانات وإعلان النتائج وبدء العطلة الصيفية بالإضافة إلى أيام العطل والإجازات السنوية كما هو الحال في معظم بلدان العالم، لكن ما يحصل في بلادنا هو أن كل ذلك يسير بصورة مزاجية بحتة، وإن كانت هناك رُوزنامة زمنية للعملية التربوية والتعليمية، إلا أن الخروج على النص دائماً ما يصاحبها سواء في انطلاق العام الدراسي أم أثنائه أو انتهائه.
• ففي الوقت الذي تلتزم فيه المدارس باليوم المحدّد لبدء العام الدراسي؛ إلا أن أغلبها لا تباشر العملية التعليمية إلا بعدها بأسابيع؛ إما بسبب عدم حضور الطلاب أو عدم حضور المدرّسين، فمثلاً العام الدراسي الجديد بدأ الأحد الماضي، ومع ذلك فإن أغلب المدارس لم تُباشر بالتدريس بعد، كما نجد الاختلاف في مواعيد الامتحانات؛ حيث لا يلتزم الجميع بالمواعيد المحدّدة للامتحانات، فنجد بعض المدارس تحدّد مواعيد امتحاناتها إما قبل أو بعد المواعيد الواردة في الرُزنامة الوزارية.
• للأسف الشديد؛ مع كل ما نعانيه من اختلالات ومشاكل؛ فإن التعليم في بلادنا حتى اللحظة لايزال يواصل السير نحو الهاوية، وكل ما قيل ويُقال عن تطويره وتجويده لا يعدو عن كونه مجرد كلام “لا يُسمن ولا يُغني من جوع” ولا أثر ملموس له على أرض الواقع، حتى استراتيجيات تطوير التعليم العام التي ظل مسؤولونا يتحدّثون عنها طوال السنوات الماضية وكيف أنها ستعمل على انتشال التعليم من وضعه المتردّي، لا ندري أين انتهى بها المطاف..؟!.
• التعليم يُعد حجر الزاوية في بناء المجتمعات والأوطان وصناعة المستقبل الأفضل، ودون الاهتمام به وتجويده لن تقوم لنا قائمة، وهو ما يتطلّب من الجهات المعنية ضرورة وضع الحلول والمعالجات المناسبة للنهوض بالتعليم كمؤشّر لتوجُّهها الجاد نحو إصلاح العملية التعليمية وتخليصها مما علق بها من أخطاء.
• نريد ثورة تعليمية حقيقية واستراتيجية جديدة لتطوير العملية التربوية والتعليمية بجدية وفاعلية وليس مجرد خطط نظرية على الورق، وما أكثر هذه الخطط في بلادنا التي دائماً مانسمع ونقرأ عنها، لكننا لا نجد لها أي أثر على أرض الواقع العملي.
k.aboahmed@gmail.com