دائماً يخرج اليمنيون من أزماتهم وحروبهم وإشكالاتهم أكثر قوة وتماسكاً وعنفوانا، ويعود الفضل في ذلك إلى ما يمتلكه هذا الشعب العريق من عنفوان وتسامح وحكمة، لهذا لم يكن غريباً العجز الذي أبداه الكثيرون من المحلّلين السياسيين والمفكّرين والإعلاميين في تفسير الحدث اليمني مؤخراً والمتمثّل في توقيع اتفاق السلم والشراكة السياسية بين الأحزاب والتنظيمات والقوى السياسية اليمنية عقب أحداث كان جزءاً منها دامياً، والجزء الآخر يصب في مسار التغيير الثوري المعبّر عن هموم وتطلُّعات الجماهير ويلامس معاناتها في تخفيف الضغط وتخفيض سعر المشتقات النفطية أو ما أسماه البسطاء «الجرعة» وتغيير حكومة ثبت للجميع فشلها بما في ذلك مَنْ شكّلها.
لقد آن الأوان أن ينتهي الانقسام في الصف اليمني سواء في المسجد أم المذهب أو الساحة أو الحزب، يجب أن نتجه جميعاً إلى بناء وطننا، فنضمّد الجراح ونتسامح مع بعضنا على قاعدة لا منتصر ولا مهزوم، وهي الثورة الحقيقية التي يجب أن تبدأ من الذات لتنتصر في الواقع وتدفع نحو البناء والتغيير بخطى حثيثة متحرّرة من الإعاقات والمعوقات، آن الأوان أن نفكّر كثيراً، أن نتحدّث قليلاً، أن نعمل كثيراً لنعوّض ما فات من انشغالاتنا بالمماحكات والتنظيرات؛ لأن العالم من حولنا يتغيّر ونحن محلّك سر.
لابد من إعادة الاعتبار لوظيفة الدولة في الأمن والتنمية، في الإصلاح المالي والإداري، في بسط هيبتها على كامل التراب الوطني، وتحرير الإنسان من هموم الحياة وضغط الحاجة، والاتجاه نحو توسيع تواجد الدولة في كل شبر من هذا الوطن.
Unis2s@rocketmail.com