كان واضحاً منذ بدايات التنظير لـ«الفوضى الخلّاقة» أن صقور البنتاغون من الجمهوريين الجُدد لا ينقصهم الوقت ولا التدبير للذهاب بعيداً في مشروع الفوضي التي تقضي بشن الحروب خلطاً للأوراق والعصف بالثوابت، ثم انتظار النتائج التي ستأتيهم على طبق من فضة..!!.
هكذا اعتقدوا بعد حرب «الخليج الأولى» التي أفضت إلى تمترس عسكري استثنائي في المنطقة العربية، وبدت بعد حين كما لو أنها إيذانٌ وتبرير أيديولوجي لتنامي تيار الإسلام السياسي الجهادي متذرّعاً بحجّة وجود قواعد عسكرية أمريكية في الأراضي المقدّسة.
لقد جاءت تلك المبادآت العسكرية الأمريكية الإسرائيلية كمقدّمات لظهور بذور الفوضى في المنطقة، وليس غريباً ـ والأمر كذلك ـ أن تتقبَّل الولايات المتحدة من طرف خفي استبدال الديمقراطية الأمريكية الموعودة في العراق بنظام الولاء والبراء الديني الطائفي المتحالف مع محافظي العتبات في طهران..!!.
وليس غريباً أيضاً أن تقبل اسرائيل ـ بعين راضية ـ خلافاً فلسطينياً مُشرْعناً بقوة الأمر الواقع، ليكرّس ثنائية الضفّة والقطاع، وليس غريباً أيضاً أن تنافح الإدارات الأمريكية المتعاقبة عن إسلاميي العدمية السياسية.
أذكر في هذه المناسبة سلسلة المؤتمرات التصالحية الإقليمية برعايات ناجزة من أثيوبيا واليمن وجيبوتي بحثاً عن مخرج للمحنة الصومالية، وكيف أن تلك المؤتمرات كانت تصل إلى خطوط توافق عام، سرعان ما ترفضها الولايات المتحدة لكونها “حلولاً ناقصة” وفي المقابل كان أمراء الحرب ـ بطيوف ألوانهم ـ ينعمون بدعم مُريب من قبل مديري الحروب الإقليمية المنظورة وفق منطق الفوضى البنّاءة..!!.
Omaraziz105@gmail.com