• يتواصل مسلسل القتل بصورة شبه يومية؛ فلا يكاد يمرُّ يوم إلا ونقرأ أو نسمع عن وقوع جرائم قتل وتفجيرات هنا أو هناك يذهب ضحيتها عددٌ من المواطنين سواء من العسكريين أم المدنيين؛ حتى صار الأمر مألوفاً لدى الناس، وهو ما نلاحظه من تعاملهم مع مثل هذه الأخبار التي أصبحوا يتداولونها وكأنها أحداث طبيعية وليست جرائم إزهاق للأرواح التي حرّم الله إزهاقها إلا بالحق.
• إن أكثر ما يثير المخاوف هو أن يصبح التعاطي مع أعمال القتل وكأنها شيء روتيني ويصبح ارتكاب الجريمة أمر اعتيادي جدّاً لا يثير أي ردود أفعال لدى الناس ولا يثير غضبهم أو يستفز مشاعرهم؛ وبالتالي يصبح التعامل مع قتل النفس المحرّمة «شرعاً وقانوناً» بشيء من اللا مبالاة وعدم الاكتراث وتتكرّس هذه الأعمال الإجرامية في عقول العامة وكأنها أمر طبيعي.
• استمرار حالة الانفلات الأمني الذي تعيشه البلاد بفعل اعتلال الأجهزة الأمنية وعجزها عن أداء مهامها هو أحد الأسباب الأساسية لاستمرار جرائم القتل، فرغم كثرة هذه الجرائم والتي لاتزال متواترة منذ أكثر من عامين وبصورة شبه يومية؛ إلا أننا لم نلمس من هذه الأجهزة أي إجراءات حقيقية وجادة لإيقاف نزيف الدم المتواصل، ولاتزال وفيّة لعاداتها بالاكتفاء بالتصريحات والتأكيد أنها ستتعقّب الجُناة وتقدّمهم إلى العدالة لينالوا جزاءهم الرادع؛ لكن لا شيء من ذلك يحصل وإلا ما استمر معدّل جرائم القتل في تصاعد.
• لم يعد من المقبول أن يستمر التعامل مع جرائم القتل والاغتيالات الممنهجة بأسلوب الإدانة والاستنكار والاكتفاء بتشكيل لجان للتحقيق، فما الذي ستقدّمه بيانات الإدانة والاستنكار من فائدة؛ هل ستعيد أرواح الضحايا أم ستقود إلى القبض على مرتكبي هذه الجرائم النكراء؟!، كما أن تشكيل المزيد من لجان التحقيق لن يحدث فرقاً.
• فكم من اللجان التي تم تشكيلها في أعقاب العديد من جرائم القتل؛ لكننا لم نسمع أو نقرأ أية نتائج أو حقائق توصّلت إليها حول هذه الجرائم وهويّة مرتكبيها رغم مرور شهور وأعوام على حدوث بعضها، الأمر الذي يؤكد عدم جدوى تشكيل مثل هذه اللجان طالما أنها لا تخرج بشيء ولا تكشف شيئاً؛ بل إنها حتى وإن توصّلت إلى بعض الحقائق فإنها تظل في طي الكتمان والسرّية ولا تخرج إلى العلن.
• كما أنه من المفترض أن تكون الأجهزة الأمنية قد أصبح لديها خبرة كبيرة في التعامل مع جرائم القتل وتمتلك رؤية شاملة ودقيقة عن أساليب ارتكاب هذه الجرائم وتحرّكات القتلة بناءً على دراستها وتحليلها للجرائم السابقة فتعمل على مضاعفة الاحتياطات والاحترازات الوقائية للتقليل من حجم هذه الأعمال، لكن يبدو أنها حتى الآن لم تستفد شيئاً؛ وإلا لما تواصلت أعمال القتل.
• الكثير من جرائم القتل تحدث في وضح النهار وفي الشوارع الرئيسة للمدن، ومع ذلك فإن نسبة كبيرة منها تقف الأجهزة الأمنية عاجزة أمام الكشف عن ملابساتها ومرتكبيها، وهو ما يتطلّب من هذه الأجهزة البحث عن إجراءات جديدة أكثر عملية من شأنها الحد من أعمال العنف والقتل وإيقاف نزيف الدم وأداء مهامها بكثير من المسؤولية والجدية.
• خلال فترة تولّي الدكتور رشاد العليمي حقيبة وزارة الداخلية؛ تم طرح فكرة تزويد الشوارع الرئيسة في المدن بكاميرات مراقبة أمنية، وهو إجراء معمول به في العديد من دول العالم، إلا أن الفكرة لم تجد طريقها إلى التنفيذ لأسباب لا نعلمها، فلماذا لا تتم إعادة إحياء الفكرة من جديد، لأننا فعلاً بحاجة ماسة لها في ظل تزايد أعمال القتل وضعف قدرة الأجهزة الأمنية وتراخيها الواضح في بسط الأمن والاستقرار.
• من شأن هذا الإجراء أن يعمل على الحد من معدّل جرائم القتل، ولا أعتقد أن تركيب مثل هذه الكاميرات سيكون أكثر كُلفة مما تتكبّده الدولة حالياً للأجهزة الأمنية وتحركاتها التي عادة ما تأتي في الوقت الضائع، إضافة إلى أن تركيب هذه الكاميرات سيُسهم بشكل كبير في التخفيف من حجم الخسائر البشرية الباهظة في الدماء والأرواح التي تُزهق عبثاً بصورة شبه يومية.
k.aboahmed@gmail.com