العلاقة بين الأمن وبين الإيمان تتضح من نفس مبنى الكلمة في اللغة العربية، وبحسب ما ذهب إليه من قبل عديد من العلماء والباحثين نجد أن الأمانة والأمن والإيمان متقاربة في الاشتقاق في اللفظ، وهي متقاربة في المعنى وفي الدلالة، ويقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تأييداً لذلك: {المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على أنفسهم وأموالهم } أو كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعليه كم نحن في هذا البلد بحاجة ماسة إلى استعادة مفهوم الأمن لدينا بحيث يكون له قدسيته لدى الجميع صغارا كانوا أم كبارا , أُميين أو متعلمين , فقراء أو أغنياء , بسطاء أو مسئولين , إسلاميين أو علمانيين , متدينين أو غير متدينين ,سياسيين أو غير سياسيين .
في العام القادم سنكمل ربع قرن على وحدتنا المباركة وقيام جمهوريتنا اليمنية التي مثلت شمعة أمل في ليل عربي حالك السواد . ولكن من المؤسف أن هناك من حوّل ذلك الأمل والحلم إلى كابوس من الأحداث العنيفة والدموية التي كبدت بلدنا وشعبنا خسائر فادحة وأوصلته إلى حافة الهاوية .
بدأ ذلك بالتفجيرات والعمليات الانتحارية لمن كانوا يعرفون أنفسهم بالجهاديين , ثم في وفت لاحق جماعات مسلحة أخرى دخلت على الخط تحت مسميات دينية وطائفية مضادة أو تحت دعوات مناطقية وجهوية , وصولاً إلى أن أصبح الأمر يتعلق بمماحكات سياسية وحزبية وتصفية حزبية بين أطراف وقوى متعددة استخدمت الورقة الأمنية المقيتة للأسف الشديد دون أي اكتراث بهذا الشعب وبمصالح الوطن العليا .
ولذلك أُزهقت الكثير من الأرواح , وخسر بلدنا الكثير من المصالح الاقتصادية سواء بنزوح الاستثمارات أو بتطفيش السياح وتدمير السياحة أو بتخريب الموارد النفطية وأيضا إبقاء الناس في معاناة دائمة جراء ضرب خدمات حيوية كالكهرباء وغيرها .
عن أي دين أو وطنية يتحدث أو يتشدق أولئك الذين يقلقون أمننا على الدوام , وأي إسلام يدّعيه أولئك الذين ظلوا ولا يزالون يتشدّقون بمحاربة أمريكا وغير أمريكا وهم في الواقع يحصدون على الدوام أرواح جنودنا في الأمن والجيش ويضيفون إليهم أرواح أبرياء .
الحديث يطول في هذا الجانب ,,لكن باختصار نقول : هل آن الأوان لوقفة صادقة من الجميع بحيث يضطلع كل واحد بمسؤوليته تجاه أمن هذا الوطن باعتبار استعادة الأمن والاستقرار سيكون كفيلا بإعادة تحريك عجلة البناء والنهوض وانتشال بلدنا وشعبنا من وضعه المأساوي .
alhayagim@gmail.com