|
|
|
|
|
البحث العلمي والنهوض الاقتصادي (1-2)
بقلم/ دكتور/احمد اسماعيل البواب
نشر منذ: 14 سنة و 4 أشهر و 6 أيام الإثنين 16 أغسطس-آب 2010 12:16 ص
تُعد البحوث العلمية في كافة التخصصات الشاملة للمجالات الحياتية عنصراً هاماً ورئيسياً من عناصر مكونات بناء وتقدم الشعوب التي تسعى الى الارتقاء بمقومات بنيانها على اسس علمية منهجية ومدروسة مستوعبة متطلبات الواقع الاجتماعي، مستوحية ذلك من امكانات المخزون الذي يكتنزه في باطنه ومحيطه وجغرافيته والبيئة القائمة، مستفيدة من طبيعة المناخات الملائمة والمؤاتية لرفده بالبحوث اللازمة التي على أساسها يمكن بناء سياسات في التوجهات الآتية او متوسطة المدى او الاستراتيجية ذات الابعاد المستقبلية لما يقود الى خدمة تقدم وتطور ورقي المجتمع، لاسيما في ظل تحولات ومتغيرات عالمية بلغ فيها التنافس التكنولوجي اوج ذروته باعتماد البحوث العلمية مرجع وثروة رئيسية له.
ونحن في اليمن كبلد نامٍ نطمح الى بلوغ مرتبة متقدمة من المعرفة والنهل من مشارب العلوم المختلفة عبر البحث والدراسة والتأهيل، وانشاء المراكز البحثية العلمية التخصصية كحاجة قصوى لتلبية متطلبات الواقع المعيشي عند ترجمة البحوث العملية وبلورة منهجياتها الى الحيز العملي، وعلى وجه الخصوص في مضمار التوجه نحو مسيرة البناء والنهوض الاقتصادي باعتبارهما ركيزتين اساسيتين في خضم مجابهة جملة التحديات التي تواجه بلد محدود الموارد إن لم نقل شحيح الامكانات وامامه مخاض غير عادي في مجاراة المتغيرات الراهنة اقتصادياً وعلمياً على المستويات الاقليمية والعربية والدولية.
وازاء ذلك يظل البحث العلمي في حاجةٍ ماسةٍ بل مطلب اساسي في رفد التوجهات الاقتصادية سواء على المستوى الرسمي -الدولة- او على مستوى القطاع الخاص بالمرتكزات الهادفة لرسم سياسة توجهات جديدة او تعزيز مكانة التوجهات القائمة، ونحن لا نقول انه لا توجد هناك بحوث اقتصادية متنوعة بتنوع المصادر الاقتصادية، ولكنها محدودة او مقتصرة على فترات زمنية معينة، وهذا يعني ان الضرورة تتطلب تكثيف عملية الاستثمار في البحوث العلمية ورفدها بالامكانات اللازمة حتى تبلغ الغاية المنشودة منها بما يتواءم وحجم الموارد الاقتصادية المتنوعة في بلادنا والتي لم يتم استغلالها حتى الآن بصورة مُثلى وناجعة.. لنأخذ على سبيل المثال لا الحصر.
انموذج المعادن.. التي تمثل كنزاً اقتصادياً غير عادي.. فإنه بالرغم من جهود هيئة المساحة الجيولوجية والثروة المعدنية في تقديم بحوث عن تلك الثروة الا انها بحاجة الى المزيد والمزيد من البحوث التي تمكن وتضمن الكيفية الاستثمارية بما يعود بالنفع الاقتصادي للبلد.
ولا نعني بتوسيع آفاق الاستثمار في البحوث بالاعتماد على مصادر وخبرات اجنبية فقط مثلما حدث في البحوث التي جرت ازاء بعض مواردنا الاقتصادية، ولكن يمكن ان تتم عملية تطوير وتحديث لمهارات وقدرات وزارة التعليم العالي والبحث العملي ومركز البحوث والدراسات، ومراكز البحوث والدراسات الخاصة بقدر ما هي قائمة في البلد، لأنه من الملحوظ ندرة البحث العلمي في اليمن او شحته في اقل التقديرات، وهذا باعتقادي لا يعود الى عدم وجود الكفاءات والقدرات العلمية البحثية اليمنية، وان كانت بحاجة الى تطوير معارفها وقدراتها.. ولكن غياب الاهتمام اصلاً في البحث العلمي او عدم الالتفات اليه بصورة جادة ترتقي الى مستوى قيمته واهميته وحاجته للمجتمع تظل ابرز المعضلات التي تصاحب هذا الجانب.
ان الكثير من الدول بما فيها المتقدمة والمتطورة ترصد مبالغ مادية باهظة في ميزانياتها مخصصة للبحث العلمي في شتى جوانب متطلباته حتى تحقق الغايات المنشودة منه اقتصادياً في سياق استراتيجيات مدروسة بعناية، وتقيم لذلك مركز ابحاث استراتيجية، فما بالنا نحن في اليمن ننشد ونسعى الى بلوغ متوسط معدل ما بلغته العديد من مثيلاتنا الدول النامية في تقدم اقتصادياتها على اعتبار ان الخطط الاقتصادية على اختلاف تسمياتها ومراحلها الزمنية، وكذا اكتشاف الثروات المخزونة في باطن الارض او على سطحها او حتى في اعماق البحار حينما تكون قائمة على ابحاث علمية.. تكون هناك استفادة حقيقية من تلك الثروات بهدف الدفع بعجلة التنمية والنهوض الاقتصادي ونحن بالتأكيد بحاجة ماسة حاضراً ومستقبلاً لكل ذلك.
ومع يقيننا ان موضوعاً حيوياً وهاماً بحجم أهمية البحث العلمي لا يمكن اقتصار تناوله في مقالة او عمود صحفي، لكنه يتطلب اثراء واسع في التناول والتداول والنقاش، ونعتقد ان المختصين هم الاولى بالأمر.
|
|
|
|
|
|
|
|