مقولة «المُستبد العادل» مقولة تاريخية ذات صلة بالحاكميات التاريخية البائدة التي لم تصل بعد إلى اعتراف بالعقد الاجتماعي التشاركي للأمة، وقد وجدت هذه المقولة تبريرات “فوق ميكيافيلية” في علوم الكلام المجيّرة على فقه السلطان، وكان العالم العربي ومازال يعيش هذا الزمن التاريخي بامتياز، بل يقيم فيه إقامة الواثق المطمئن، لكن حقائق التاريخ والجغرافيا تحاصر هذه الحاكميات المتخلّفة، فالعالم لم يعد يطيق شركاء المحن والآثام، والصيرورة التاريخية لم تعد تقبل حاكميات عربية تقلق أوطانها والعالم برمته.
الحديث يا عزيزي عن مقولة «المستبد العادل» يطول ويطول، ولهذا أكتفي بالإشارات واثقاً من أنك ترى ما وراء الآكام والهضاب.
حدثت أشياء كثيرة في مسار الثورة اليمنية، كنتُ شخصياً أتمنّى ألا تحدث، لكن حركة التاريخ محكومة بقوانينها الداخلية التي تتأبَّى على أمانينا وآمالنا، ناهيك عن برامجنا الذهنية، لكن المهم في كامل المعادلة هو مآلات المسار، وحتمية التحوّل، لهذا السبب لا أحب أن أقف كثيراً أمام ما كان، بل ما نتمنّى أن يكون، متأسياً بأبيقورية الخيام:
غدٌ بظهر الغيب واليوم لي وكم يخيب الظن بالمُقبل
الكتابات المواكبة للثورة اليمنية، وأرى أنها تشكّل روافد واجتهادات متنوّعة تصبُّ في مجرى النهر الواحد، والحال فإن هذه الكتابات تتفاوت في مزاجها، فمنها الإنشائي المُحرِّض، ومنها الرائي الملتبّس بالحقائق الموضوعية، ومنها المتردّد المتسائل، لكنها في نهاية المطاف تعبّر عن توق حقيقي للتغيير، وهذا هو القانون الأسمى في مسار التحوّل، ذلك المسار الذي يتماهى مع دواخل البشر وأمانيهم وآمالهم وأحلامهم، وهنا تكمن التميمة السحرية لمعنى المشاركة.
كل الاجتهادات والمقاربات مطلوبة، فالمسارات وإن تعدّدت حد الاختلافات البيّنة، لابد أن تخدم في نهاية المطاف المجرى الرئيس لنهر التغيير الجارف، فتأمل يا عزيزي.
Omaraziz105@gmail.com