منذ أيام قليلة خرج علينا مدير السجن المركزي بأمانة العاصمة من خلال مؤتمر صحفي حاشد بقوله إن كل شيء داخل الإصلاحية على خير ما يرام، نافياً صحة المعلومات عن هروب بعض السجناء من أعضاء تنظيم القاعدة، ولكن ما حدث -بعد ذلك - يندى له الجبين، حيث تابعنا المواجهات المسلحة داخل السجن بين جماعتي القاعدة والحوثيين، فضلاً عن معلومات تؤكد فرار أعداد منهم وغيرهم إلى خارج أسوار الإصلاحية!
شخصياً لا أميل إلى الرواية الرسمية التي تحدثت عن تفاصيل هذه الأحداث ، بل إنني أميل أكثر إلى احتمالية وجود تفاصيل أخرى لم يشأ صاحب هذه الرواية الخوض فيها ، خاصة أن الجماعات الإرهابية لا تفتقر إلى ابتداع أساليب للفرار من داخل هذه السجون، فقد حدث هذا مراراً في الهروب الكبير من سجون الأمن السياسي في صنعاء وعدن وفي محافظاتٍ أخرى، لكن الصحيح أيضاً أن ثمة تطوراً – إذا صدقت الرواية – يعكس هذا الاحتكاك الدموي الحاد بين الجماعات المتشددة في المجتمع.
وإذا سلمنا جدلاً بصدقية الرواية الرسمية لإدارة السجن المركزي، فإننا لا يمكن أن نفصلها - بأي حال من الأحوال – عن التطورات الخطيرة والمؤسفة التي تجري في منطقة دماج بصعدة بين الحوثيين والسلفيين.. وهو ما يدعونا حقاً إلى رفع شارات الخطر.
وإزاء ما يعتمل في منطقة دماج ومناطق أخرى عديدة، كذلك يحدث في داخل السجن المركزي، الأمر الذي يتطلب من كافة القوى الوطنية محاصرة هذه المشكلات وحلها جذرياً قبل أن تستفحل وتقود إلى كارثة محققة تذكرنا بالحروب الأهلية في عدد غير قليل من البلدان والتي كان لتبعاتها الكارثية آثارها المدمرة على السلم الاجتماعي في تلك المجتمعات.
إن حادثة السجن المركزي بصنعاء ليست الأولى ولن تكون الأخيرة تماماً كما هو حال باقي المؤسسات التي تتأثر بشكل مباشر بتداعيات الأزمة الراهنة والمناخات القائمة من الإهمال والتسيب والتواكل، سواءً كانت نتاج الأوضاع العامة أو بالنظر إلى حسابات بعض الأطراف لإفشال مسيرة التسوية السلمية القائمة في البلد.. وهو ما يستدعي بالضرورة – كما أسلفنا – أن تسارع قوى المجتمع سواءً داخل مؤتمر الحوار أو خارجه التوصل إلى صيغة توافق شاملة وعادلة ومرضية تنتشل التجربة ونخبها السياسية من حالة اللاتوازن واللاوعي.