يعود النقاش مجدداً إلى العلن حول أوضاع المغتربين اليمنيين وخاصة في دول الجوار الجغرافي، وتحديداً إثر عودة عشرات الآلاف منهم إلى أرض الوطن في ظروف بالغة الصعوبة، فضلاً عن مترتبات هذه العودة على الأوضاع الاقتصادية الداخلية ومسيرة التسوية السياسية.
في تقديري الشخصي، إن قيام وزارة المغتربين بنقل هذه القضية إلى داخل مؤتمر الحوار الوطني والاستفاضة في النقاش العلني لتفاصيل مجريات وحيثيات هذه العودة قد أثار زوبعة من التساؤلات التي كانت حبيسة الأدراج أو الصدور على حد سواء حول العلاقة مع الأشقاء في المملكة إزاء هذه القضية التي تثار بين الفينة والأخرى.
لقد استمعت إلى عديد الآراء والانطباعات في جلسة السجال التي نقلتها الشاشة الصغيرة من داخل مؤتمر الحوار، وجل تلك الطروحات كان عاطفياً وانطباعياً أحيانا وسياسياً أحياناً أخرى.. وهو سجال لا يرقى إلى مستوى طبيعة الحدث أو إلى جوهر العلاقات الثنائية، فضلاً عن أن مؤتمر الحوار الوطني ليس معنياً – بشكل أساس – بمناقشة مثل هذه المتغيرات في علاقات اليمن الخارجية والتي ينبغي أن تكون ساحتها مجلسي النواب والوزراء بالنظر إلى كونها تعد من القضايا الاستراتيجية، خاصة مع دولة شقيقة وجارة كالمملكة لها ثقلها ومكانتها.
في مطلق الأحوال ، فإن قضية المغتربين اليمنيين – سواءً في دول الخليج أو في غيرها – بحاجة إلى وقفات جادة ومناقشات مستفيضة عبر المؤسسات التشريعية والتنفيذية، بل يمكن أن تلعب المؤسسة الرئاسية دوراً بارزاً في معالجتها ووضع الحلول لمحاصرة أسبابها والتخفيف من مترتباتها..وهو ما يعول عليه خلال الفترة المقبلة.
أما وقد طغت عودة المغتربين من المملكة بمثل هذه الأعداد مؤخراً على فضاء هذه السجالات ، فلا بأس هنا من تجديد الدعوة إلى ضرورة تفعيل التواصل وعلى مختلف المستويات وتحديداً على مستوى القيادتين السياسيتين في البلدين الشقيقين، وذلك للمساهمة في محاصرة هذه المشكلة وعلى قاعدة «لا ضرر ولا ضرار» وتمشياً مع وشائج علاقات الإخاء والجوار، فضلاً عن الاتفاقيات الثنائية ذات الصلة بترسيم الحدود والقائمة – في أساسها – على خاصية وأولوية الرعاية للمغتربين اليمنيين.
* * *
وعود على بدء فثمة ملاحظة تستدعي الإشارة إليها وهي أن تقرير وزارة المغتربين إلى مؤتمر الحوار ما كان ينبغي أن يناقش من قبل مؤتمر الحوار وفقاً لمنظور سياسي وإنما كان الأجدر أن يعالج من رؤية مهنية بحتة وهو ما تنبه إليه الوزير مجاهد القهالي في تلك الجلسة .. ولكن بعد فوات الأوان !!