الخيار الاتحادي بالصيغة الماثلة لا يعني نهاية المطاف، ولا يستبعد وجاهة الآراء الأخرى التي تميل إلى دولة اتحادية خارج نطاق الأقاليم الستة ، والتي قد تكون اثنتين، أو أقل من ستة، أو أكثر منها ، فكل خيار من تلك الخيارات ينطلق من مبررات ومصوغات مقبولة ، لكن التوافق سيد الموقف ، وهو كما نرى توافق غالب، حتى وإن رفضه الحوثيون، وتحفظ عليه الاشتراكيون. غير أن الفرق الجوهري بين موقف الاشتراكيين والحوثيين يتمثل في قبول الحزب الاشتراكي بالعملية السياسية واستتباعاتها، حتى وإن تحفظ على صيغة الأقاليم الستة ، والشاهد أن ممثل الاشتراكي الأستاذ أبوبكر باذيب وقع على الوثيقة النهائية ، مستجيباً لدواعي الاستمرار في العملية السياسية . غير أن موقف الحوثيين اختلف جذرياً ، فقد رفضوا التوقيع على الوثيقة النهائية ، وقالوا بأن التقسيم المفترض لأقاليم الدولة الاتحادية يوزع البلد إلى أغنياء وفقراء ، وذلك استناداً إلى تكوينات الأقاليم الريعية النفطية والغازية ، وهما إقليما حضرموت وسبأ .. لكن هذه الحجة أقرب إلى التجريد غير الواقعي، لأنه لا اقتصاد ريعي في اليمن يعتد به ، بل إن القابليات التنموية في الأقاليم الستة المعلنة تتجاوز بمراحل منطق الاعتداد بالنمط الريعي في إقليمي حضرموت وسبأ ، فالمشكلة التنموية في اليمن نابعة من طبيعة النظام المركزي المتجهم ، لا الافتقار إلى أسباب التنمية الأفقية الواسعة .
وما دمنا بصدد المقارنة بين موقفي الاشتراكيين والحوثيين ، فلا بد من الإشارة إلى المحرك الجوهري لهذين الموقفين ، فالحزب الاشتراكي اليمني يباشر حضوره في العملية السياسية، متخلياً عن أي شكل من أشكال السلاح ، قابلاً بتبعات المباراة السياسية السلمية، متجاوزاً تجربته التاريخية القريبة كحزب حاكم توفر على الجيش والأمن والسلاح ، وبالمقابل يتمسك الحوثيون بالمليشيات المسلحة التي تتجاوز مفهوم حمل السلاح السائد في اليمن ، لتكون مليشيات الحوثيين قوة عسكرية منظمة ومدربة ضمن أنساق نظامية كتلك التي تقدمها تجربة حزب الله في لبنان.
Omaraziz105@gmail.com