انتهى الاجتماع السابع لمجموعة أصدقاء اليمن، الذي انعقد في لندن الأربعاء الماضي، بالاتفاق على آلية جديدة لعمل المجموعة تمثّل في تشكيل لجنة متابعة خاصة لتسيير العمل وثلاث لجان اقتصادية وسياسية وأمنية تركّز على الإصلاحات اللازمة لاستكمال العملية الانتقالية في اليمن.. والسؤال هنا: هل ستنجح هذه الآلية فيما فشلت فيه سابقاتها..؟!.
الاجتماعات السابقة لمجموعة أصدقاء اليمن تعهّدت بتقديم حوالي ثمانية مليارات دولار كمساعدات لبلادنا لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي والأمني، وبحسب احصائيات فإن ما نسبته 65 % من إجمالي الدعم المالي وصل إلينا؛ لكن أين هو..؟!.إذ لم نلحظ أي تغيير أو تحسُّن في الجوانب التي يُفترض أن هذا الدعم ذهب إليها.
بالنظر إلى واقع الحال اليوم سنجد أن البلاد لم تشهد أي تحسُّن خاصة في الأوضاع الاقتصادية والأمنية، فلاتزال أزمة العجز المالي في تفاقم، ولايزال الاستقرار الأمني شبه غائب، أي أن المساعدات التي تأتي إلينا لا تثمر إطلاقاً ولا نرى لها أثراً على أرض الواقع، وهو ما يجعلنا نعتقد أن آلية العمل الجديدة لن تكون استثناء؛ لأن الخلل أصلاً موجود لدينا، سواء في عدم قدرتنا على استيعاب المساعدات الدولية أم التعامل معها بإيجابية واستثمارها في وجهتها الصحيحة.
مهما اخترعنا من آليات عمل لإدارة المسح والمساعدات الدولية؛ فلن نستفيد منها شيئاً، والآلية الجديدة لا تملك عصا سحرية لإنقاذ برامج تنموية في البلاد ـ كما هو مفترض منها ـ إذا لم تكن لدينا نحن النيّة الصادقة والإرادة القوية للاستفادة مما يقدّمه لنا الأصدقاء من دعم ومساعدات.
فكيف ستنجح آلية العمل الجديدة، بينما آلية عمل الجهاز الحكومي المعنية لم تتغيّر، ولم تستوعب بعد المخاطر المحدقة بالبلاد والاحتياجات الحقيقية والعاجلة، وكيف ستنجح ولايزال عتاولة الهبر والنهب بالأمس يمارسون ذات الدور اليوم وإن ارتدى بعضهم عباءة الثورة؛ لم يكتفوا بكل ما جمعوه من ثروات من خيرات هذا البلد؛ بل يقفون بالمرصاد لكل ما يأتي من دعم خارجي للاستيلاء عليه، كيف ستنجح ولايزال الفساد ينخر في مفاصل الدولة ويلتهم الميزانيات ويقضي على أي أمل للنمو الاقتصادي..؟!.
إن نجاح آلية العمل الجديدة مرهون بإيجاد رقابة حقيقية وفعّالة تضمن استيعاب المساعدات في مكانها الصحيح، وتغيير الحكومة لآلية عملها بما يواكب متطلبات وظروف الرحلة الانتقالية الحالية، ووضع آليات حقيقية لمكافحة الفساد وإيقاف الهبر والنهب الذي يستنزف موارد الدولة، وأيضاً التعامل بشفافية مطلقة فيما يخصُّ الدعم الدولي المقدّم لليمن من حيث حجمه والمشروعات التي سيتم تنفيذها حتى تكون هناك رقابة مجتمعية؛ ودون ذلك فإن كل المساعدات ستكون بلا فائدة وستذهب هباءً منثوراً كسابقاتها.
إذاً لم يتم الاستثمار الصحيح لكل ما نحصل عليه من دعم ومساعدات، خاصة تلك التي تأتي في هيئة قروض وإن كانت ميسّرة، فإنها لن تكون سوى عبء إضافي ثقيل على البلاد ستدفع ثمنه الأجيال القادمة..!!.
k.aboahmed@gmail.com