لا تكتمل «القاعدة» توصيفاً وتحديداً دون روافدها الإجرامية، والتي تتلخّص في التجارة غير المشروعة؛ تلك التي لا تبدأ بتجارة السلاح، ولا تقف عند حد المواد الغذائية الفاسدة، واليوريا القاتلة في الزراعة، والأدوية المدمّرة لعقول الشباب، ولا تنتهي بأفيون القات المتجوّل في جسوم وأفئدة البشر..!!.
الحملة الراهنة ضد عناصر «القاعدة» تقتضي حملة موازية ضد حملة السلاح، فالمجرمون الذين يغتالون أفراد المؤسسة العسكرية يشبهون نظراءهم الذين يغتالون المرضى في المستشفيات، من خلال الاعتداءات المتعمدة على أبراج الكهرباء، كما يشبهون من يغتالون أحلام الناس وحياتهم المتواضعة من خلال تفجير أنابيب الغاز والنفط.
ظاهرة المليشيات المسلّحة الخارجة عن الدولة ليست صفة تحتكرها «القاعدة» بل إن أنصار «القاعدة» ما كان لهم أن يجدوا الفرصة السانحة لمنطق السلاح المنفلت من عقاله لولا تجار السلاح ومافيا التجارة الخسيسة وأمراء الحرب الذين يتموضعون في ذات المربع البائس لمن يرفض الدولة والنظام والقانون.
المشهد الماثل يقتضي الإقرار المسبق بإصلاح لا يستثني طرفاً دون الآخر، ولا يبرّر بقاء السلاح غير النظامي بيد الأفراد والمليشيات القبائلية المؤذية لتوازن المجتمع وازدهاره، ولا ينتقي منطقة دون أخرى، أو مكوّناً إجرامياً دون آخر، عندها ستكون المصداقية والثبات على الحق مثابة يستحقها القائمون على مقارعة الآثام والضلالات.
المعركة المحتدمة في أبين وشبوة تقتضي معركة موازية على خط تحرير وإطلاق قانون حمل السلاح المُجمَّد في البرلمان منذ سنوات، والتفاهم بالحسنى أولاً، ثم بالإكراه الجبري ثانياً مع المليشيات الحزبية والقبلية المدجّجة بصنوف الأسلحة المتوسطة والثقيلة، والخروج بإجماع سياسي غير قابل للتأجيل يرهن الجميع لسيادة الدولة التي لها أن تكون أداة القمع الوحيدة باسم القانون.
وعلى خط متصل لابد من مناجزة محترفي الخطف والاعتداء على الخدمات وقتل الأبرياء، توطئة لتقديم رسائل واضحة المعنى والمغزى، فالنجاة من العقاب دربٌ سالك لمزيد من احتراف الجريمة، والقصاص العادل هو أقرب الطرق لحماية الناس من شرور الناس.
Omaraziz105@gmail.com