يمرُّ اليمن بمرحلة دقيقة وحسّاسة تتطلّب المزيد من استحضار العقل والحكمة في السيطرة على الأوضاع العامة للبلاد، وتغليب المصلحة العامة والوقوف معاً في خندق واحد للخروج بالوطن من حالة الشحن الطائفي والمناطقي والمذهبي الذي بات يشكّل تهديداً للوحدة والأمن والاستقرار.
ولا تتعلّق المسألة بتفسير ما يحدث بنظرية المؤامرة أو غير ذلك؛ لكن ما يحدث في الواقع إنما هو مؤامرة بالفعل، وسواء كانت مؤامرة داخلية أم خارجية؛ فإن اليمنيين بحاجة ماسة إلى أن يتجاوزوا حالة التربُّص للقوى المعادية سواء تلك التي تفقد مصالحها تدريجياً مع كل توجّه نحو بناء دولة يمنية حقيقية؛ أم تلك القوى التي لا يسرّها أن ترى وطناً يمنياً ناهضاً.
صحيح أن الفترة الانتقالية قد طال أمدها، ولم يتم استكمال المهام المطلوبة في مواعيدها المحدّدة وفق برنامج زمني، وصحيح أن لجنة الدستور تتحرّك ببطء شديد رغم أن المادة الخام للدستور الجديد هي أصلاً جاهزة ضمن وثيقة الحوار الوطني؛ غير أنه ورغم كل شيء يجب ألا يكون ذلك مبرّراً للمعرقلين للمزيد من العرقلة والتأخير في تنفيذ ما تبقّى من مهام التهيئة للانتخابات النيابية والرئاسية القادمة بعد إجراء الاستفتاء على الدستور.. إن المصالحة الوطنية والاصطفاف هي ما يجب أن تتصدّر قائمة اهتمامات الأحزاب والتنظيمات السياسية وكل الخيرين على الساحة اليمنية خاصة مع ما يتعرّض له الوطن من هجمات إرهابية ما كان لها أن تحدث لولا حالة الانقسام في الصف الوطني، وحالة التمترس من بعض القوى المتطرّفة يميناً ويساراً التي أدّت إلى إضعاف دور الدولة في الوقت الذي يفترض أن يتّجه الجميع نحو استكمال ما توافقوا عليه في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، على أن الاهتمام بالجانب الاقتصادي والمعيشي للمواطنين لابد أن يحتل صدارة اهتمامات الحكومة، وليكن في مقدّمة ذلك تنفيذ حزمة من الإجراءات الإسعافية العاجلة المتعلّقة بإنهاء الفساد، ومحاكمة الفاسدين، وتخفيف الآثار التي لحقت بالفئات الفقيرة وذوي الدخل المحدود بما في ذلك ضباط وأفراد القوات المسلّحة والأمن من جرّاء رفع الدعم عن المشتقات النفطية، بالإضافة إلى دعم جاهزية القوات المسلّحة والأمن في مجال محاربة الإرهاب وحماية الأفراد والمنشآت الحيوية على امتداد الوطن وبما يمكّن من تحسين الظروف المعيشية والاقتصادية وتحفيز الاستثمار.
Unis2s@rocketmail.com