منطقياً ليس من مصلحة جماعة «أنصار الله» تقويض أركان الدولة، كذلك ليس من مصلحة التجمع اليمني للإصلاح القيام بمهام الدولة بحمل السلاح ضد أي طرف كان باعتبار أن كلا المنطقين يقودان إلى تفتيت تماسك المجتمع.
ومن الواضح أنه وفي ظل غياب هذه الرؤية بعيدة الأفق وبخاصة في ظل الصدام المسلّح القائم بين الطرفين أهمية عدم تغييب الحكمة واستيعاب مخاطر تقويض أركان الدولة؛ ما يعني انعكاسه سلباً على كلا الطرفين، حيث لن يجدي – بالتأكيد – مرجعية الاحتكام إلى قوة السلاح وسيظل خيار الاستقواء بسلطة القانون هو الأنسب وبحيث لا تتحوّل أرضية التعايش المتاحة إلى حلبة للصراع والاحتراب يحشد فيها كل فريق ما لديه من عتاد وموارد، بل الأخطر من ذلك أن هذه الوضعية ستؤدّي إلى حصول انقسام حاد في منظومة المجتمع اليمني الذي ظل متعايشاً طيلة قرون عديدة.
ومن الطبيعي أن تزداد خطورة الانهيار وشيوع حالة من الفوضى التي لن يسلم منها أحد وبخاصة أطراف الصراع التي تكون قد فقدت شرعية المطالب التي تحمل راية المنافحة عنها، فضلاً عن المالآت التي ستلحق باليمن أرضاً وإنساناً جرّاء النزوع الأناني لفرض الأمر الواقع بقوة السلاح.
وفي حقيقة الأمر، لا نريد استنساخ تجارب العراق وسوريا وليبيا التي يتقاتل فيها أبناء الوطن الواحد لتدمير كيان الدولة ومؤسّساتها الدفاعية والأمنية والقانونية وتشتيت جهودها وإمكاناتها، وقبل كل ذلك هدر دماء أبنائها.
لقد حان الوقت الآن تمثُّل الحكمة اليمانية والعودة إلى جادة الحق والصواب وتغليب مصالح الوطن وتعزيز القواسم المشتركة على ما عداها من مصالح حزبية أو طائفية ضيقة؛ وذلك من خلال جلوس الأطراف المعنية على طاولة الحوار وإتاحة الفرصة أمام مختلف الوساطات القائمة لنزع فتيل الأزمة والاحتراب باعتبار أن ذلك هو الأسلوب الأنجع لحل مختلف الإشكالات والتباينات؛ وبالتالي إعادة التفاؤل إلى قلوب اليمنيين بإمكانية إعادة بناء الدولة على أسس الحداثة والشراكة.
والخلاصة، لا أجد فيما أشرت إليه آنفاً فائدة تُذكر إذا ما أصرّت هذه الأطراف على تسابقها المحموم في اتجاه هدم كيان الدولة وتقويض مؤسساتها؛ ذلك أن أول من سيكتوي بنار هذه الصراعات تلك الأطراف التي أشعلتها سواء انتصر هذا الطرف أم انهزم الآخر..!!.