ليس غريباً أن تتضمّن خطابات الرئيس عبدربه منصور هادي الأخيرة طرح المخاوف من أن يتبخّر المشروع الحضاري الذي ينشده اليمنيون جرّاء جملة التحدّيات المنتصبة أمام عملية التحوُّل السياسي الذي تعيشه التجربة راهناً.
وفي إشارة لا تخطئها الدلالة عن المرامي من تنصُّل بعض القوى عن مسؤوليتها الوطنية تجاه استكمال إنجاز مشروع بناء اليمن الجديد، حيث لا يُخفي الرئيس هادي إشارته إلى أنه لم يعد ثمّة خيارات بديلة بين أن نكون أو لا نكون وتأكيده مرة أخرى على أن البديل لإنجاز هـذا المشروع الحضاري هو الذهاب إلى الفوضى التي ستقود حتماً إلى الانهيار الشامل.
لقد كانت رسالة الرئيس هادي منذ أيام واضحة الدلالة أمام مكوّنات مجلسي النواب والشورى في ضرورة دعم الحكومة الجديدة باعتبارها تمثّل حبل الإنقاذ الأخير الذي يمكن على أساسه وضع اللبنات الأولى للخروج من أسر التحدّيات القائمة وخاصة تلك المرتبطة بالجوانب الأمنية والاقتصادية، فضلاً عن التهيئة للانتقال إلى مرحلة الشرعية الدستورية.
أما مسألة المراوحة تحت ظلال الاستلاب إلى إرث الماضي ومحاولة البعض إعادة إنتاج النظام القديم؛ ستبوء بالفشل وستؤدّي إلى تدمير العملية السياسية برمتها، وبالتالي لن تفضي إلى تلبية الشعارات المطروحة ذات الصلة بقيام المشروع النهضوي الحضاري الذي يتطلّع إليه كافة أبناء الوطن.
لذلك ينبغي على هذه القوى العودة إلى جادة الحق والصواب وتغليب مصالح الوطن العليا، والاحتكام إلى منطق التغيير الهائل الذي يجري بوتيرة متسارعة على صعيد إعادة البناء، ما لم فإن هذه الحرائق التي ستشتعل جرّاء النزوع الأناني سوف تلحق أضرارها بمشعليها قبل أي شخص آخر.
ولابد مجدّداً من التأكيد على أن ثمّة فرصة أخيرة لاتزال سانحة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه على درب هذا التغيير وذلك بالاستفادة القصوى من المناخات الملائمة والداعمة لليمنيين في ألا ينجرفوا في اتجاه خيارات مريرة، والاستعاضة عن هذه الخيارات بإقامة المشروع النهضوي البديل الذي يعبّد الطريق أمام الجميع لترسيخ مداميك الأمن والاستقرار وتحقيق مبدأ سيادة النظام والقانون وإعادة البناء على أسس من العدالة والحرية والمساواة والشراكة الوطنية، ما لم فإن على اليمن السلام..!!.