إذا ما تحدّثنا عن الروح الخلّاقة التي تجسّدت في تعاظم مشاعر اليمنيين في الداخل والمهجر تشجيعاً ودعماً للمنتخب الوطني لكرة القدم خلال مشاركته المتميّزة في الدورة الأخيرة لكأس الخليج في الرياض؛ فليس الحديث بهدف الاعتزاز بهذه الروح – فقط – وإنما لأخذ الدلالات والعبر عن عظمة هذا الشعب وتلاحمه وبحثه التواق عن رمز يعيد اللحظة التاريخية إلى الواجهة.
وأجدني في هذا الصدد مضطرّاً إلى التذكير أن الروح التواقة التي تجلّت في التلاحم والاصطفاف الشامل حول فكرة المنتخب الوطني لكرة القدم؛ إنما تعكس في أحد تجلياتها الحقيقية تلك التي تختزن البواعث والدوافع المتواصلة للبحث عن الفكرة التي توحّد الجهود والطاقات، خاصة بعد أن خذلتها النُخب السياسية في أكثر من منعطف وأكثر من امتحان.
ولا شك أننا عندما نستحضر اليوم لحظات الفرح والمشاعر التي وحّدت قلوب اليمنيين جميعاً في دعم هذا المنتخب، وفي اللحظات التي خرجت فيها الجماهير الغفيرة لاستقبال أبطال هذا العرس اليماني بكل حفاوة وتقدير؛ إنما نستحضر إمكانية القدرة على الخروج من عنق زجاجة الأزمات التي تحاصرنا من كل حدب وصوب، خاصة أن هذا المنتخب والجماهير التي وقفت صفّاً واحداً لتشجيعه ودعمه قد غيّرت الصورة المرسومة في الذهنية العربية وتحديداً الخليجية تجاه قدرة اليمنيين على تجاوز الصعوبات الراهنة والظروف الاستثنائية التي تمر بها تجربة التحوُّل السياسي.
إن ما يهم في هذه النقطة هو التركيز على كيفية الاستفادة من هذا المناخ الإيجابي الذي أشاعته إرادة التلاحم الوطني حول فكرة المنتخب وانعكاس ذلك على الأداء السياسي الذي يفرض ضرورة توافق النُخب على مخرجات بنّاءة في إطار استكمال هذا التحوُّل وتجاوز الراهن من التعقيدات في المشهد السياسي.
المهم أن نستفيد من هذه الروح الوطنية التي عبّرت عنها الجماهير اليمنية في الاصطفاف إلى جانب المنتخب الكروي؛ وذلك من خلال تمثُل الحوار ونبذ العنف والتوافق على صيغة إنقاذ اليمن من أسر التحدّيات القائمة والمُضي في إعادة بناء الدولة بمعزل عن تجاذبات المصالح والحزبية والشخصية والتي يمكن أن تفضي باليمن إلى متاهات الاحتراب.
ولتكُن وقفة المنتخب والجماهير المساندة دروساً يُستفاد منها في إثراء ما يعتمل سياسياً وتجنُّب تداعياته الخطيرة وبخـاصة ما يتعلّق باستحضار المسؤولية ونحن نبحث عن حلول لمشاكلنا المتفاقمة.